أثار تعليق التواصل مع سفارة ألمانيا بالرباط مدادا كثيرا وضجة، خاصة في هاته الظرفية التي حققها فيها المغرب انتصارا مهما في قضية الصحراء المغربية.
فإذا كانت ألمانيا على الدوام مثالا يقتدي به المغرب في الإدارة الجهوية باعتبار نظام لاندرز أفضلها، وأن السيارة الألمانية توحي إلى رمز الصمود عبر الزمن والمحن، إلا أن علاقات الرباط وبرلين لم تكن بحجم حمولة منتجاتها التكنولوجية والثقيلة، وخاصة بعد أن تحولت برلين في السنوات الأخيرة إلى خصم خفي يعاكس تطلعات المغرب لحل قضية الصحراء.
ومن أجل الإحاطة بخلفيات وتداعيات هذا القرار الذي تم اتخاذه بشكل مفاجئ، يستضيف موقع الأنباء تيفي المحلل السياسي كريم عياش، نسائله فيجيب:
ما تعليقكم على الموقف الألماني من عدد من القضايا التي تهم المغرب؟
لم يكن أي خبير لينتبه إلى حدوث أزمة صامتة بين البلدين، إن لم يكن متابعا لمرحلة من التسخينات القبلية عبر حزب الخضر واليسار واللذان لا يفوتان فرص انعقاد البرلمان الأوروبي، دون زرع شوكة البوليسارو ورفع راية العداء للمملكة عبر مصطلحات عفى عنها الزمن، بالإضافة إلى مجموعة من البرامج والمواد الإعلامية التي حاولت تغيير الحقائق ببث اطروحة البوليساريو وتبني مواقفها العدائية ضد المغرب.
ولا يخفى على المتتبعين كون القناة الممولة من طرف الحكومة الألمانية نشطت منذ نجاح العملية التمشيطية ضد قطاع الطرق واللصوص بالكركرات، كما أن المرسوم الرئاسي الأمريكي حولها من موقف صامت إلى وضع يحاول التموقع على خريطة الملف في خروج على اجماع مجموعة أصدقاء الصحراء بمجلس الامن في دعم المخطط الاممي القاضي باعتماد المقترح المغربي وفتح باب المفاوضات.
ألم يكن قرارا متسرعا؟
هذه الاحتكاكات بالمغرب وإن صارت مكشوفة الآن، فقد كانت على الدوام جزء من سياسة بعض المنظمات ذات التمويل الحكومي والحزبي الألماني، والتي ترفض اعتماد خريطة المغرب الموحد، كما تفعل فريديريش نيومان مثلا، والتي عبر مكتبها بالشرق الاوسط وشمال افريقيا ترفض بتاتا الحديث عن المغرب وفق سيادته على أراضيه وتعتمد خريطته المبتورة. كما تساند المنظمات الليبرالية الشباب وعلى راسها الايفرلي، حيث صوت الوفود الشبابية الداعمة للانفصاليين دائما ما يجد صدى له سواء في التوصيات أو المقررات عقد الاجتماعات السنوية والدورية، وهو ما شكل دوما تنافيا مع عقيدته هاته وتمويله للانشطة الحزبية والاكاديمية، خاصة في ما يتعلق بالشق المشاركاتي والاستعداد للانتخابات المحلية والبرلمانية.
هل ساهمت الأزمة الليبية في اتخاذ هذا القرار؟
لا يمكن أن ننسى تهميش دور المغرب في مساعي التوافق الليبي من طرف برلين، ومحاولتها تأسيس محور برلين-الجزائر، لهذا الغرض قصد تحجيم اتفاق الصخيرات وتعويضه الأمر الذي شكل إشارة جد هامة على ان برلين صارت تتبنى طرحا لا يتوافق مع سياسة المغرب الخارجية ولا تحركاتها الدبلوماسية.
وهنا نعرج على مكانة الدبلوماسية الالمانية وضعف توجهها وصوابها، إذ قبل أن يكون المغرب أول المنتقدين، كانت الولايات المتحدة الامريكية قد هددت بمراجعة علاقاتها ببرلين بسبب بناء خط الانابيب نورستريم وبالتالي وجود تقارب روسي الماني على حساب التحالف الالماني الامريكي، وحدوث صدامات دبلوماسية على مستوى الاتحاد الاوروبي بين دول الجنوب والشمال فيما يخص السياسات الفلاحية ودعم الاقتصاد والاستثمار.
إذن الدبلوماسية الألمانية تتحمل جزءا كبيرا من موقف المغرب؟
نفس الامر فيما يخص الصدام مع اليونان وتركيا، لنستنتج ان الدبلوماسية الالمانية ينقصها بعض المرونة والتوازن وراهنت على الملف والشريك الخطأ بتبنيها لطرح البوليساريو والنحو في اتجاه الجزائر.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...