عبد العالي بن مبارك بطل
برغم كل المجهودات والمساعدات التي بدلتها ولا زالت تبدلها حكومات معظم الدول ومنها المغرب بفضل القيادة الملكية الحكيمة، وذلك للحد والقضاء على جائحة كورونا (كوفيد19) كخيار أول لخدمة وتحصين وحماية شعوبها، إلا أننا نجد أن هذه الجائحة لم تنته بعد، حيث إن حالات الإصابة مازالت تتصاعد وتنتشر بوتيرة سريعة ومقلقة، فحتى الدول الكبرى كالولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وروسيا و الصين لم تسلم وتنجح بعد في التصدي لهذه الجائحة على الرغم من التكنولوجيات المتطورة التي تتمتع بها إضافة للإجراءات المشددة التي اعتمدتها طوال الأشهر السابقة، حيث مازالت تسجل باستمرار حالات جديدة بنسب عالية جدا.
وهذا ما يمكنه ان يعصف بقوة بالاقتصاد الدولي كما ستكون له عواقب وخيمة على القطاعات الرئيسية خاصة منها قطاع الخدمات والتعليم والعقار والسياحة والنقل، ولو لم تؤد إلى شلل اقتصادي تام نتيجة تخلف سداد الاقتصادات الناشئة عن سداد ديونها وكثرة البطالة وتدهور مستوى التكوين وانخفاض أرباح البنوك.
وفي ضل هذه الأزمة يمكن للحكومات أن تتعرض لانتقادات عنيفة لآن البعض يرى أنها بالغت في الإنفاق العام للتعامل مع تداعيات جائحة كورونا ولم تتساهل في خفض تشديد الحجر الصحي، والبعض الآخر يرى أنها لم تخصص ما يكفي من الأموال للإنفاق العام في مواجهة الجائحة كم أنها تساهلت وغضت الطرف عن تجاوزات مواطنيها وتساهلت معهم في إجراءات تشديد الحجر الصحي. والحقيقة أن كلا المعسكرين يمكن أن يكون على صواب، والتاريخ هو من سيقول كلمته الأخيرة. و في ضوء كل هذه الحقائق، فإن دول العالم ستجد نفسها خلال الأعوام المقبلة أمام اقتصادات شديدة الاختلاف، بسبب تزايد الفجوات الاقتصادية بين ماهية متقدمة وصاعدة.
وسيكون من المحتم أن يتجه التركيز إلى التعامل مع الآثار طويلة المدى للأزمة على ميزانيات الحكومات، وإلى مصداقية البنوك المركزية وقوة سلاسل الإمدادات. كما في المقابل سنجد تركيز الناخبين على تقييم مدى كفاءة الحكومات في توفير الحماية للفئات الأضعف في المجتمع أثناء الأزمات.
وبما أن كل أزمة هي في الوقت نفســه فرصــة جديدة، فهل سنستطيع تحويل هذه الجائحة إلى ابتكار جديد، كما استغل مدير شركة (علي بابا) وباء “سـارس”، وهو من عائلة كوفيد19 ، ليصبح من أكبر التجَّار على الإنترنت في العالم، بعدما كان تاجراً صغيراً في شقته.
لذا أرى انه وجب الآن وبكل مواطنة صادقة الاستعداد التام لمواجهة مثل هذا السيناريوهات الاقتصادية المظلمة وأخذ العبر لتحصن الحكومات مجتمعاتها واقتصادياتها للخروج من الأزمة بأقل درجة من الخسائر.
وعليه وجب حسب رأيي الحث على تشجيع وتقوية التجارة الإلكترونية، وتطوير صناعــة الأدويــة، وصناعة الهواتف المحمولة وقطــاع تقنيات المعلومات والكمبيوتر، هذه الأخيرة التي اصحبت من الالزاميات الضرورية في بيت المواطن خصوصا وحتمية وجوبها للتعليم عن بعد هذا بالإضافة لتطوير التسويق الرقمي والتجارة الرقمية مثل علامات أمازون وعلي بابا، زد على هذا الشركات التي ستستثمر خلال هذه الأزمة في الإبداع والبحث.
حقيقة وبشكل صريح يجب على صناع السياسة الاقتصادية في العالم الآن وبشكل عاجل ضرورة التفكير في وضع استراتيجيات وخطط اقتصادية سليمة في هذه المرحلة لمعرفة إلى أي مدى ستتم السيطرة على فيروس كورونا وتداعياته المستقبلية، وذلك للنهوض وعدم خلق فجوات اقتصادية بين الدول لحماية شعوب العالم وذلك بمنظور إنساني محض ؟ والسؤال الملح حاليا هو وكيف ستتفاعل اقتصادات العالم إذا استمرت الجائحة؟
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...