الكاتب: عبد العالي بن مبارك بطل
بتنوع منظومة المجتمع البشري واتساعها فان أشكال الصراع تراها مشكلة متباينة تبعا لما تكون عليه المجتمعات من حيث طبيعة بنائها التكويني سواء كان ماديا أو دينيا أو ثقافيا أو عرقيا أو مذهبيا. كذلك هناك معايير أخرى تدعو إلى اختلاف و تنوع الصراعات منها طبيعة النظام السياسي وأيدلوجية وطبيعة المرتكزات التي تقوم على أساسها الدولة .
لقد شهد المجتمع الدولي المعاصر خلال السنوات والأشهر الأخيرة منعطفا جديدا في مشهد الصراع البشري انتقل فيها الصراع الذي قادته غريزة البقاء الذاتي والقبلي حينا، وهيمن عليه الولاء الديني و المذهبي والمعرفي حينا آخر، إلى وثبات الصراعات الحضارية الضيقة، التي نظرت لها الجهالات والعصبيات الأيدلوجية، والنيات الاستعمارية الجديدة مستغلة بذلك تعثرات وهفوات هذه الدول سواء من الناحية الاقتصادية أو السياسية أو سوء تدبير حاكماتها الإدارية، زد على هذا التعصبات الوطنية الضيقة وخلفياتها الدينية المتطرفة في بعض الأحيان متنكرة بذلك لجميع القيم والاختلافات والتنوعات الهادفة التي تدعو إليها فقط عبر المؤتمرات واللقاءات والمحافل الدولية بحجة الديمقراطية ونظريات الاختلاف وهي في الواقع مرتدية جلابيب مختلفة بداخلها الرغبة لاحتلال المراكز المتقدمة، والسيطرة الشاملة دون الأخذ باعتبار المساواة والتكافئ الاجتماعي بين الشعوب وهذا ما نلاحظه ونشاهده من أحداث دولية منها الصراع العنصري الذي شاهدته أمريكا بعد مقتل فلويد والصراع السياسي الاقتصادي المحض الذي تشهده ليبيا والصراع العلمي الذي تشهده الدول من اجل السيطرة والانفراد بلقاح واقي ضد كورونا، وأخيرا وليس آخرا.
الصراع الديني والمذهبي الذي تعرفه السلطة السياسية بلبنان والذي أدى بالعديد من الضحايا الأبرياء على اثر الانفجار الأخير الذي شهده مرفأ بيروت، كل هذه الأحداث والصراعات أدت بنا للعودة من جديد إلى قانون الغاب الذي استبدل قوة الحق والمحبة والتكافل الاجتماعي والبناء المتكامل لحماية كرامة الإنسان والشعوب على اختلاف لونه وعرقه ودينه.
لذا أرى انه قد دق نقوس الخطر واستوجب علينا الآن وبشكل عاجل وسريع إعادة النظر في تعزيز وعينا وقيمنا الهادفة والنبيلة لحماية أبنائنا ومستقبلنا وشعوبنا القادمة من الجهالات الحضارية العنصرية والنماذج المادية المحضة التي تفرض القوة وحب النفس على السلم والمحبة الجمعاء، ومن أجل ذلك يجب علينا المساهمة في التأكيد على القيم الثقافية والعلمية والتربوية والإيمان بحتمية الحوار الجاد والتحالف والمصالحة الذاتية وتصحيح النظرة الدينية الخادمة للأهداف السياسية والاقتصادية وتوسيع نطاق العولمة المركزية الطامعة والمتسمة بالأنانية من اجل تقوية وتطوير وتناسق حياة الشعوب للعيش في سلام وطمأنينة.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...