قال محمد بودن، رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية ومحلل سياسي، إن محددات الموقف السيادي ومكاسب المملكة المغربية في ملف الصحراء المغربية دبلوماسيا وتنمويا “فرضت تحولات هامة في مواقف عدد من القوى الدولية والاقليمية بمجلس الأمن بفضل القيادة الحكيمة والتوجيهات السّديدة لجلالة الملك محمد السادس.”
وأضاف بودن، في تصريح لـ “الأنباء تيفي”، أن دعم 90 بلدا في العالم لمبادرة الحكم الذاتي وعدم اعتراف حوالي 84% من بلدان العالم بالكيان الانفصالي، وفتح 30 قنصلية عامة بالصحراء المغربية “يظهر من جهة الاتجاه الدولي الواسع لدعم المغرب ووحدته الترابية، ومن جهة أخرى يعبر عن الأهمية التي توليها دول وازنة للعلاقات مع المملكة المغربية”.
أهمية القرار الأممي
وأشار المحلل السياسي، إلى أهمية القرار الأممي 2654 الذي تم اعتماده في جلسة مجلس الأمن رقم 9168 باعتباره امتدادا للقرارات الاممية السابقة، فهو، أولا، تعبير عن ارادة أممية قوية لدعم المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة “ستيفان ديميستورا” حين ركّز على صيغة المائدة المستديرة باعتبارها الآلية الوحيدة للتوصل الى حل نهائي للنزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية.
أما الجانب الثاني، فيرتبط بأن القرار الأممي الجديد يُكرس “سمو وتفوق المبادرة المغربية للحكم الذاتي المقدمة سنة 2007 بحيث تحظى هذه المبادرة الخلاقة والبناءة بدعم كبير للسنة الـ 15 على التوالي بمجلس الأمن”؛ ملفتا إلى “تعبير الولايات المتحدة الأمريكية والإمارات العربية المتحدة والغابون عن دعمها لمبادرة الحكم الذاتي في تفسيرها للتصويت بنعم على القرار الأممي 2654”.
وأشار المتحدث ذاته، إلى تأكيد مجلس الأمن في توصيته الثانية على أن الحل يجب أن يكون “واقعيا وعمليا ومستداما وقائما على التوافق”، معتبرا ذلك تزكية لـ “مبادرة الحكم الذاتي التي تنسجم هذه المعايير الأممية بشكل تام مع روحها وأساسها المنطقي، وأن عجلات القرار الأممي 2654 تسحق مجددا الأطروحة المتجاوزة للجزائر وجبهة البوليساريو”.
أما العنصر الثالث، حسب ما أورده بودن، فيتعلق بأن القرار الأممي جعل الجزائر كطرف رئيسي في النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية ويطالبها بالواقعية في اشارة الى سلوكها الأحادي المعاكس لإرادة قرارات مجلس الأمن ومحاولتها إخراج العملية السياسية عن مسارها.
أما المستوى الرابع، فيتعلق بأن مجلس الأمن، وفي مستجد بارز، يوجه رسالة حازمة “للبوليساريو” التي تقوم بعرقلة قدرة ونطاق عمل بعثة “المينورسو”، حيث يتضمن القرار مساءلة واضحة بخصوص القيود التي تفرضها “البوليساريو” على الأنشطة الجوية والبَرّية للبعثة الأممية وقدرتها على رصد الأوضاع والانتهاكات المتكررة لوقف إطلاق النار شرق منظومة الدفاع المغربية.
وخلص المتحدث ذاته، إلى أن قرار مجلس الأمن 2654 يعتبر مساهمة جوهرية وهادفة لتحريك المسار السياسي وفرصة جديدة يتحتم على الجزائر و”البوليساريو” اغتنامها بواقعية من أجل مستقبل المنطقة، كما أن القرار يمثل نافذة تسلط الضوء على المسؤولية الحقيقية للجزائر والتناقض الحاصل بين أقوالها وتصرفاتها وعرقلة البوليساريو لعملية الإمداد الآمن والمنتظم لبعثة “المينورسو”.
تفسير عملية التصويت
أما بخصوص تفسير لعملية التصويت، فيرى بودن، أن دعم القرار الأممي الذي صاغته الولايات المتحدة الأمريكية بأغلبية 13 دولة مقابل امتناع روسيا وكينيا، يمثل من جهة، تعبيرا عن نجاح الدبلوماسية المغربية في شرح مواقفها للمجتمع الدولي، ومن جهة أخرى، يمثل تعبيرا عن عالم اليوم.
وأوضح المُحلّل السياسي، أن امتناع روسيا التي تملك حق النقض عن التصويت لصالح القرار الأممي “لا يعبر بالضرورة عن معاكسة المصالح المغربية، لكنه يوازن المصالح الروسية ويعبر عن طبيعة العلاقات الدولية اليوم بحيث أن روسيا تذهب في الاتجاه المعاكس للغرب في أغلب القرارات الأممية” .
أما بالنسبة لمواقف الولايات المتحدة الأمريكية والإمارات العربية المتحدة والغابون، فإنها تعبر، حسب بودن، عن “الطابع المستدام والثابت للعلاقات التي تجمعها بالمملكة المغربية”، معتبرا في جانب آخر التصويت الفرنسي الذي صوت لصالح القرار على أنه “يمثل استمرارية للموقف الفرنسي الايجابي تجاه مبادرة الحكم الذاتي ولا يلبي انتظارات الجزائر”.
واستدرك بالقول:” لكن ينبغي الانتباه الى أن فرنسا لم تتناول الكلمة هذه المرة بمجلس الأمن لتفسير موقفها كالمعتاد”، مرجعا ذلك إلى أنها “حاولت عدم تقييد نفسها وهي تفكر في تكلفة موقفها في سياق يشهد إيقاعا مختلفا للعلاقات الفرنسية مع كل من المغرب والجزائر”.
أما موقف كينيا، فأوضح المتحدث ذاته، أنه متأثر ببيئة تنافس كبيرة بالقارة الافريقية، بحيث أصبحت “ملعبا جديدا للمصالح في القارة الافريقية ولهذا دخل موقفها مرحلة الشك بفعل الارتباك الواضح في التعبير عنه، لكنه قابل للمراجعة بعد نهاية ولاية كينيا في مجلس الأمن وترسيخ الرئيس الجديد “ويليام روتو” الذي يؤيد الموقف المغربي”.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...