من اللافت للانتباه ورود هذه عبارة “الإرث المشترك لجميع المغاربة بدون استثناء ” في كل خطابات وكلمات وقرارات جلالة الملك ذات الصلة بالأمازيغية لغة وتاريخا وتراثا وثقافة، حتى تم ترسيم هذه الجملة التفسيرية في دستور المملكة المغربية سنة 2011 ، ثم وردت في القانون المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وفي المخطط الوطني الذي أعدته الحكومة لتنزيل مقتضياته، وقد ظلت هذه العبارة في مختلف البلاغات الصادرة عن الديوان الملكي ،الى أخر مبادرة ملكية ميمونة والتي بموجبها تم اعتبار رأس السنة الأمازيغية يوم عطلة مؤدى عنه كفاتح محرم وفاتح ماي وغيرها من الايام الوطنية والاممية ، وكان من المنتظر ان يتعامل العقلاء من النشطاء في الاعلام وفي مواقع التواصل مع الحدث باعتباره قرارا ساميا يهم الإرث المشترك للمغاربة بدون استثناء فيسألون عنه العربي والامازيغي والحساني والاندلسي ، ليجعلوا منه حدثا وطنيا بامتياز يعزز من لحمة كل المغاربة بدون استثناء ، إلا أن البعض أراد أن يفسد هذه الفرحة ليجعل من الحدث انتصارا لفئة من المغاربة ، و خضوعا لضغوطات ونضالات عرقية للغة ضد لغة ، ولهوية ضد هوية ، وفرصة لإثارة النعرات والعصبيات، والانتصار للذات أكثر من الانتصار للوطن الجامع ولكل ما يقوي لحمته الدينية والثقافية واللغوية التي أفضت إلى هذا الغنى والثراء الذي بناه المغاربة على مر تاريخهم العريق كلما نبذوا الإثنيات والعصبيات ، وكان من المفروض أيضا ان تكون هذه المناسبة فرصة للدعوة إلى إخراج المجلس الأعلى للغات والثقافات المغربية إلى حيز الوجود بعد صدور القانون المحدث له، في جمود غير مفهوم ، وإعادة الحياة الى اجتماعات اللجنة الوطنية لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وتفعيل المخطط الوطني ذي الصلة والذي توقف لاسباب غير معروفة ولا مفهومة أيضا، وفرصة للدعوة إلى ضرورة التسريع بإخراج المرسوم التطبيقي للهندسة اللغوية في المنظومة التربوية والذي أعادته الحكومة إلى نقطة الصفر حين أرجعته إلى المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي لإعادة إبداء الرأي فيه ، في الوقت الذي سبق للمجلس البث في الموضوع وكان ينتظر أن يتم وضع هذا المرسوم في مسطرة المصادقة للقطع مع الفوضى اللغوية التي تعيشها المنظومة التربوية والتي ترجع في جزء كبير منها الى الفراغ القانوني الذي تسبب فيه غياب هذا المرسوم بعد مرور ما يقرب من 5 سنوات على صدور العدد القانون الإطار 71-51 ، وانتهاء المدة القانونية المتوقعة لإصدار كل نصوصه التطبيقية ، هذه هي الاسئلة الحقيقية التي كان ينتظر أن يناقشها الرأي العام ويتناولها الاعلام العمومي والفاعلين في استثمار ايجابي للحظة القرار الملكي السامي والدفع في اتجاه تسريع تنزيلها وتفعليها والتحذير من خطورة التأخر فيها ، أما استثمار الحدث لدق إسفين من العرقية والعصبية في جسد الإرث المشترك لجميع المغاربة بدون استثناء فلا يعدو أن يكون تعاملا ظرفيا بمنطق صغير، مع حدث وطني كبير،
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...