ضابط مخابرات جزائري لـ"الأنباء تي في": العصابة الحاكمة تلجأ لأسطوانة "المغرب..عدو خارجي"

قال كريم مولاي، ضابط المخابرات الجزائرية سابقا، المنشق عن النظام، إن الحراك الجزائري استعاد كثيرا من وهجه الذي انطلق به، وربما هذه المرة بطريقة أكثر قوة، بالنظر إلى كونه يأتي في ظرف سياسي وأمني واقتصادي وصحي غاية في الصعوبة.

وأوضح مولاي في تصريح لـ”الأنباء تيفي” أن الحراك الجزائري عاد مجددا ليعلن رفضه لكل محاولات الالتفاف التي لجأ إليها الجنرالات، لإعادة صياغة المشهد السياسي، من خلال الانتخابات الرئاسية المزورة، واستقدام رئيس هو في الحقيقة جزء من عصابة الفساد التي تحدث الجنرالات عن حربهم ضدها، مشددا على أن الحراك جاء ليعلن مرة أخرى تمسكه بخيار الدولة المدنية بديلا عن حكم العسكر، وأيضا ليقول بأن كل ما وعد به الرئيس تبون لا يلبي مطالب الانتقال الديمقراطي التي ينادي بها الشعب الجزائري.

وأضاف أن الحراك يتقدم من دون هيكل قيادي محدد، وهو ما يجعل من إمكانية تجاوزه، بمعنى استئصاله أمنيا، في غاية الصعوبة، وهو ما يؤكد أن قادة الحراك ليست لديهم الثقة في القيادات العسكرية، وأنهم معنيون بالذهاب إلى أبعد مدى من أجل إنهاء دولة العسكر التي اختطفت القرار السياسي في الجزائر منذ الاستقلال.

وبخصوص الحملة المسعورة التي يقودها النظام الجزائري ضد المغرب ووحدته الترابية، أكّد كريم مولاي أن العصابة الحاكمة في الجزائر لا تزال تتصرف مع الشعب الجزائري بمنطق الغنيمة، وتعتقد أنه لا يزال بالإمكان السيطرة على الشارع باستخدام الآلة الأمنية، مع أن هذا الخيار ثبت فشله على مدى العامين الماضيين، والدليل على ذلك حجم المظاهرات التي رافقت إحياء الذكرى الثانية لانطلاق الحراك في 22 شباط (فبراير) الماضي.

لذا، يضيف مولاي، أن النظام يصرّ على عدم تعديل عقارب ساعتها على التوقيت الدولي الجديد، ولا يزال يراهن على منطق المعسكر الاشتراكي السابق، مضيفا أنه من هذا المنطلق يعمل على تقوية علاقاته مع روسيا وحلفائه في المنطقة، ومن جهة أخرى يعمل على فتح جبهة عدائية مع المغرب في محاولة لتوحيد الجبهة الداخلية ضد عدو خارجي.

وتابع: “لكن يبدو أن الأمر لم يكن هينا عليهم هذه المرة أيضا، ذلك أن المغرب تمكن خلال العقود المنصرمة من الاشتغال على تطوير نفسه داخليا من خلال تقديم معالجة واقعية لقضاياه الداخلية، وتمكن من بناء بنية تحتية متطورة، فضلا عن تمكنه من تطوير علاقاته الديبلوماسية مما مكّنه من دعم وحدته الوطنية، وهو ما تم تتويجه باعتراف أمريكي نادر بمقترح الحكم الذاتي خيارا سياسيا وحيدا لحل ملف الصحراء“.

وذلك، يضيف المتحدث نفسه، بعد أن تمكنت الرباط من العودة وبقوة إلى مقعدها في الاتحاد الإفريقي، مما جعل من أي معركة جزائرية ضد المغرب في الوقت الراهن، معركة خاسرة وغير مجدية، لا إقليميا ولا دوليا، مشدّدا في نفس الوقت على أن الشعب الجزائري، أصبح مدركا بشكل كبير أن المعركة ضد المغرب، مصطنعة، وأن العصابة الحاكمة تلجأ إليها من أجل القضاء على الحراك في الداخل، ومنع أي خطوة جدية للانتقال الديمقراطي.

وفي الختام، أشار مولاي إلى أنه في الوقت الذي تخوض فيه وسائل الإعلام الرسمية في الجزائر حربا ضروسا ضد المغرب، بالموازاة مع محاولات ديبلوماسية في الخارجية للتأثير على قرار عدد من العواصم الغربية في الموقف من قضية الصحراء، مضيفا “فقد أغلق الجنرالات حدود الجزائر تقريبا بشكل كلي، ظاهريا من أجل محاربة كورونا، لكن عمليا من أجل توفير كل الشروط والضمانات الكفيلة بإنهاء الحراك، وهندسة الساحة السياسية بما ينهي الحراك ويعيد الناس إلى بيوتهم، وهو أمر يبدو أنه أصبح صعب المنال“.