بعد فترة من الترقب والقلق سادت أوساط المهنيين، يشهد قطاع الصيد البحري بمدينة العيون، وتحديدا مصايد الأسماك السطحية، انتعاشا ملحوظا يبشر بموسم استثنائي، ويعيد الحيوية إلى أحد أهم الموانئ على الصعيد الوطني.
ويأتي هذا التحول الإيجابي ليطوي صفحة من التراجع الذي عانت منه مراكب صيد السردين، عصب الاقتصاد المحلي، بسبب تقلبات مناخية وبيولوجية معقدة أثرت سلبا على حجم المصطادات خلال الفترة الماضية.
ويعزو فاعلون ومهنيون في القطاع هذا الانتعاش إلى حزمة من التدابير الاستراتيجية التي اتخذتها كتابة الدولة المكلفة بالصيد البحري، مؤكدين أن تلك السياسات ساهمت بشكل مباشر في تحسين ظروف الصيد وتنظيم المصايد، مما فتح آفاقا جديدة أمام أسطول الصيد السطحي.
وشدد هؤلاء المهنيون على أن هذا التدخل انعكس بشكل واضح على الحركة داخل ميناء العيون، الذي عاد ليعج بالنشاط، مبشرا بدورة اقتصادية متكاملة ستعود بالنفع على آلاف الأسر التي تعتمد على البحر كمصدر رزق أساسي.
وتؤكد الأرقام الرسمية هذا المنحى التصاعدي. فبحسب التقرير الأخير الصادر عن المكتب الوطني للصيد البحري (ONP)، سجلت المصيدة الأطلسية الوسطى، التي يعتبر ميناء العيون جزءا محوريا منها، ارتفاعا لافتا في الكميات المفرغة من الأسماك السطحية بنسبة 28% مقارنة بنفس الفترة من السنة الفارطة.
وبلغة الأرقام، بلغت الكميات المصطادة حوالي 67,568 طنا، محققة قيمة مالية فاقت 282 مليون درهم، حيث تشكل هذه الأرقام قفزة نوعية مقارنة بالموسم الماضي الذي سجل تفريغ 52,608 طنا بقيمة مالية قاربت 261 مليون درهم.
ولا يعكس هذا الفارق فقط زيادة كبيرة في الكميات، بل يشير أيضا إلى تحسن في مردودية الرحلات البحرية وقدرة الأسطول على تحقيق عوائد مالية أفضل.
انعكاسات إيجابية
هذه الأرقام الواعدة لا تبقى مجرد إحصائيات، بل تترجم إلى واقع ملموس ينعكس إيجابا على حياة العاملين بالبحر وكافة الأنشطة المرتبطة به. فاستقرار القطاع يساهم في ضمان دخل منتظم للبحارة، ويعزز القدرة الشرائية للأسر، كما ينعش الحركة التجارية في المدينة بأكملها، من معامل تصبير وتجميد الأسماك، مرورا بقطاع النقل والخدمات اللوجستية، وانتهاء بالمحلات التجارية الصغيرة التي تستفيد من سيولة مالية إضافية في السوق.
ويرى المهنيون أن هذه النتائج الإيجابية تمثل مؤشرا واعدا على استقرار قطاع الصيد البحري بالعيون على المدى المتوسط والبعيد. كما يعتبرونها خطوة أساسية نحو تعزيز التنمية الاقتصادية المحلية، التي تعتمد بشكل كبير على الثروة السمكية.
وفي هذا السياق، يشدد الفاعلون على أهمية مواصلة دعم القطاع وتطوير آليات علمية لمواجهة التحديات المستقبلية، خاصة تلك المرتبطة بالظروف المناخية المتغيرة والتغيرات البيولوجية في المخزون السمكي. ويؤكدون أن الحفاظ على هذا الزخم الإيجابي يتطلب تضافر الجهود بين الإدارة والمهنيين لضمان استدامة الموارد البحرية وتحقيق توازن بين الاستغلال الاقتصادي والحفاظ على البيئة البحرية للأجيال القادمة.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...
body.postid-1152232