تلجأ العديد من الأسر إلى شراء كتب مدرسية مستعملة لأبنائها، خصوصا التي لديها عدد كبير من الأطفال، حيث تتطلب مصاريف الدراسة مبالغ مالية كبيرة لتلبية حاجيات الأبناء التي لا تتوقف على توفير الكتب فقط، بل الملابس وغيرها من المصاريف التي تثقل عادة كاهل هذه الأسر.
في هذا السياق، أصبح بيع الكتب المدرسية المستعملة تجارة موسمية يمارسها عدة اشخاص، ومن بين هؤلاء مهدي أحد باعة الكتب المدرسية المستعملة، الذي التقيناه أثناء تجولنا بإحدى ” سويقات ” المنطقة، وهو يقف في زاوية ويضع على الأرض بضع كتب مدرسية من مختلف المواد (عربية وفرنسية) ، قال إنها كتب ابنه التي لم يعد بحاجة إليها، لأنه انتقل إلى القسم الموالي بحيث لم يجد ما يفعله لقضاء الوقت قبل بدء الدراسة.
وأضاف مهدي في حديثه لـ “الأنباء تيفي” أنه لا يبيع كتبه بغرض توفير المال، بل لأنها إذا ما بقيت في المنزل فستضيع وتتلاشى، وبالتالي فكر ببيعها لمن هو في حاجة إليها كما يفعل الكثير من أصدقائه، مؤكدا أنه يعرف أشخاصا آخرين يبيعون الكتب المستعملة قصد التمكن من شراء الكتب المدرسية للموسم الدراسي الجديد، لأنهم لا يستطيعون توفير كل لوازمهم الدراسية، خصوصا أن الموسم الدراسي هذه السنة تزامن مع موجة الغلاء، حيث تنفق الأسر مصاريف كثيرة لشراء المواد الغذائية في ظل الأزمة الاقتصادية والاجتماعية.
أما سعيد، فكانت تبدو عليه علامات الخجل، وهو يقف على الرصيف بالقرب من مهدي ، وأمامه كمية كبيرة من الكتب المعروضة على الأرض ، وقال أنه: “غادر الدراسة لأنه لا يريد أن يكمل تعليمه”، ومن دون أن يكشف عن أي مبرر آخر، موضحا أن “الكتب المعروضة للبيع ليست كتبه، بل اشتراها بدوره من التلاميذ الذين لم يعودوا بحاجة إليها، ويريدون التخلص منها مقابل مبلغ من المال، كما أن دخله من هذه التجارة الظرفية، يصل إلى حوالي 30 درهما في اليوم عند بداية كل موسم دراسي، لكن” كل نهار ورزقو ” على حد قول سعيد.
و تخضع تجارة الكتب المدرسية المستعملة لقانون العرض والطلب، بخلاف ما تبدو عليه من أنها مجرد تجارة عشوائية، فسعر الكتاب يكون ثمنه مرتفعا في بداية الموسم ثم ينخفض تدريجيا حين يقل الطلب عليه، إلا أن سعر الكتاب المستعمل، هو نصف سعر نظيره الجديد.
من جهة أخرى، قال أب جاء برفقة ابنه الصغير والذي صادفناه يسأل عن كتاب لمادة اللغة العربية لأحد المستويات الدراسية: “إن شراء الكتب الدراسية المستعملة يعود إلى رغبة الأسر في توفير المصاريف، نظرا لتزامن شهر رمضان وعيد الاضحى والعطلة الصيفية والدخول المدرسي وموجة غلاء الأسعار التي عرفتها مختلف المواد الاستهلاكية”.
ولمعرفة مدى تأثير تجارة الكتب المستعملة على مبيعات المكتبات، أكد لنا أحمد صاحب مكتبة أن الأمر لا يحتاج إلى طرح أي سؤال أصلا، لأن التأثير يظهر بوضوح للجميع ، إذ من الطبيعي أن يشتري الناس الكتب المستعملة الأقل ثمنا، طالما أن المحتوى هو نفسه، ولا فرق بينها وبين الكتب الجديدة سوى في الغلاف الخارجي الذي يبدو متضررا بعض الشيء من كثرة استخدامه ، كما زاد موضحا أن المبيعات تنقص بنسبة قد تصل أحيانا إلى 40 في المائة، إلا أن أصحاب المكتبات لا حيلة لهم أمام هذه الظاهرة التي يلجأ إليها شباب لفترة زمنية محددة لكسب بعض المال بسبب الحاجة و الفقر.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...