احتضن أمس الأربعاء السجن المحلي لمدينة بني ملال، لقاء ثقافيا مفتوحا مع نزلاء ونزيلات المؤسسة، حول عمله الأدبي الموسوم بعنوان: “قراءات في التخييل السردي- من اكتشاف النص إلى انكشاف المعنى”، وذلك في إطار برنامج المقاهي الثقافية في السجون. وفي بداية اللقاء نوه الكاتب المصطفى سلام بجهود كل الفاعلين و المساهمين في تنظيم أنشطة المقهى الثقافي بالمؤسسة، كتاب و إدارة المؤسسة ونزلائها وباقي الشركاء.
و أشار المصطفى سلام، إلى أن تنظيم مقهى ثقافي بالمؤسسة السجنية يشكل متنفسا ثقافيا لنزلاء المؤسسة ويساهم في اضفاء قيمة رمزية على الإبداع الادبي والفكري عموما، مبرزا كذلك في هذه التوطئة إلى المكانة الجوهرية التي تحتلها الكتابة و الإبداع الأدبي والفكري، قائلا في نفس الوقت: “فمن خلالها نسجل الحياة من أجل إعادة النظر فيها”، لأن الحياة في نظر الكاتب عبارة عن كائن منزلق وبالتالي فالإمكانية المتاحة لكي ننظر إلهيها تمنحها لنا الكتابة، ولا يمكن أن نقرأ الحياة إذا لم نسجلها فهي دائما منفلتة و مرتبطة كذلك بمجموعة من الظواهر تتطلب حلول ( الصراع ، الأنانية، العنف…) وهذه الظواهر تكون مطروحة في الإبداع وحاضرة فيه، فالمبدع يلتقط هذه المشاكل والأحداث في المجتمع ويعبر عنها بواسطة الكتابة عبر القصة و الرواية أو أي جنس آخر، فالقصة أو الرواية مثلا هي مجتمع مصغر أو نافذة نطل من خلالها على المجتمع، كما تشكل هذه المواد الابداعية أيضا مواد تثقيفية للقارئ.
بعد هذه الكلمة الافتتاحية للكاتب، وكعادة اللقاءات الثقافية المنظمة بالمقهى الثقافي، أعطيت الكلمة للنزيلات و النزلاء الحاضرين الذين أطلعوا بشكل مسبق على العمل النقدي موضوع اللقاء، حيث أغنوا بدورهم النقاش عبر مجموعة من المداخلات شملت مجمل مناحي الكتاب، بداية بالخطة التي تبناها الكاتب في الكتاب وسبب اهتمامه بالتخييل السردي و المتخيل الأسطوري في القصة و الرواية، و عن علاقة الاجناس الأدبية بالتاريخ وعلاقة الكتابة بالواقع و التخييل، كما توقفت بعض المداخلات حول المكانة التي تحظى بها المرأة في النصوص السردية التخييلية التي شكلت موضوعا للتحليل و النقد في الكتاب.
وفي إطار التفاعل من طرف الكاتب مع تدخلات النزيلات والنزلاء الحاضرين، قال: “في الحقيقة اكتشفت اليوم أن هناك قارئ حقيقي في هذا الفضاء”، مضيفا أن عمله النقدي هو عبارة عن قراءة كاشفة للنصوص تروم استكشاف المعاني التاوية بين بين طياتها، من خلال النظر إليها ضمن سياقات تساعد على التأويل و استكشاف المعنى، فقراءته للنصوص كانت فيها سلطة النص حاضرة بقوة قام بها وفق خطة تسعى إلى اكتشاف المعنى و ليست قراءة أكاديمية خاضعة لسلطة المنهج، فالكاتب و القارئ في نظر الكاتب هو قناص للمعنى.
وفي جوابه عن سبب جمعه بين مجموعة النصوص السردية في الكتاب أكد الكاتب بالقول: أن “ذلك راجع لكونها تقوم على التخييل، فبواسطة التخييل يضيف الكاتب يتم رصد الواقع وهذا الاخير لا يمكن الامساك به فهو ما يتمثله القارئ أو الكاتب”.
ويشار إلى أن برنامج المقاهي الثقافية بالسجون فكرة أطلقتها المندوبية منذ سنة 2017 في إطار الجيل الجديد من البرامج التأهيلية، التي يتم من خلالها تمكين نزيلات و نزلاء المؤسسات السجنية من لقاءات مع رجالات الثقافة والفن والعلم، وعيا منها بضرورة اعتماد وسائل ناجعة ترمي إلى تحقيق التكامل بين البرامج الثقافية والفكرية وبرامج تأهيل السجناء لإعادة الادماج، وتطوير مجال انفتاح السجين على العالم الخارجي تمهيدا لإدماجه فيه.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...