فضحت الرياح التي شهدتها مدينة مراكش، يوم أمس السبت 30 مارس الجاري، مدى رداءة حافلات النقل العمومي التابعة لشركة ألزا، وذلك بعد أن تسببت في اقتلاع سقف حافلة كانت مليئة بالركاب.
الحادث الذي شهده الخط الرابط بين مدينة مراكش ومركز 44 بجماعة أولاد ادليم، كاد أن يؤدي إلى فاجعة، لولا يقظة السائق، الذي بادر إلى التوقف بقارعة الطريق، بعد أن انتبه الى كون الغطاء العلوي للحافلة يقتلع من مكانه.
وأظهرت مجموعة من الصور لحظة تطاير السقف العلوي للحافلة، وهي اللحظة التي زرعت الرعب بين ركاب هذه الحافلة الذين اضطروا إلى الهروب للنجاة بأنفسهم.
ويأتي هذا الحادث في اليوم ما قبل انتهاء فترة التمديد لشركة ألزا، وكذا في فترة يعيش فيها الشارع المراكشي على وقع الغضب من تردي خدمات النقل العمومي، وكذا ترقبه لمصير صفقة النقل العمومي، بعد السنوات الطويلة التي استحوذت فيها الشركة الإسبانية على القطاع.
وفي ذات السياق، فقد سبق وأن طالبت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع المنارة، بضرورة تدخل وزير الداخلية من أجل العمل على الإسراع على حل إشكالية النقل الحضري والشبه الحضري بمراكش وأحوازها، وضمان حق الساكنة في التنقل وفق شروط السلامة.
كما طالبت الجمعية وفق بيان لها، من عبد الوافي لفتيت، بضرورة العمل على توفير خدمة ترقى إلى مستوى تطلعات الساكنة والقطع مع التدبير المؤقت، مشيرة إلى أنها تخشى أن يصبح الأخير دائما، بعد توالي التمديدات المؤقتة للشركة الإسبانية الحائزة على الصفقة.
وأوضحت الجمعية، أن مدينة مراكش تعيش “تسييرا وتدبيرا متعثرا يفتقد للفعالية والنجاعة المطلوبة، خاصة فيما يتعلق بالخدمات الاجتماعية المفروض في المجلس الجماعي للمدينة توفيرها وضمان ديمومتها وجودتها”.
وفي هذا الصدد، أورد البيان، نموذج خدمات حافلات النقل الحضري وشبه الحضري، حيث أكدت على أنها تعيش “مأزقا حقيقيا، ليس فقط على مستوى البنية والآليات، ولكن حتى البلوكاج المتعلق بشروط التدبير المفوض للقطاع”.
ومع اقتراب انتهاء العقد المؤقت لشركة “ألزا” للنقل الحضري وشبه الحضري، المسؤولة عن إدارة خدمات الحافلات في مدينة مراكش منذ ربع قرن، وفق عقد التدبير المفوض لسنة 1999 والممتد ل15 سنة، شددت الجمعية على أنه “لايلوح في الأفق إلا استمرار معاناة ساكنة مراكش وأحوازها مع النقل. وبالتالي استمرار اللجوء قسرا للنقل السرّي وسيارات الأجرة بحجمها الصغير والكبير، وما يتبع ذلك من تكلفة مرتفعة، وهدر لزمن الانتظار للتنقل من منطقة الى أخرى بالمدينة”.
لقد أصبحت هذه الوضعية، حسب الجمعية، عبئا على الساكنة، خصوصا في ظل غياب أي اتفاق جديد، وتكثّم الجهات الوصية عن مآل دفتر التحمّلات، وقرار مجموعة الجماعات الترابية “مراكش للنقل ” التي سبق لها أن اختارت في يناير 2023 عرضًا قدمته شركة “ألزا” بالتعاون مع شركة “فوغال باص”، بعد تقديم العروض التي تمّ إطلاقها في شتنبر 2022.
وتضمن العرض الجديد، مجموعة من المقترحات، التي تهم تجديد الأسطول، والرفع من عدد الحافلات وقيمة الاستثمار، وتحديث شبكة النقل الحضري بملأ الفراغات عبر إحداث خطوط جديدة. حيث كان من المفترض أن يتم توقيع العقود في عام 2023، وأن تبدأ الخدمة الجديدة في مارس 2024، لكن ذلك لم يحدث حتى الآن، يضيف فرع المنارة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان.
مشيرا، إلى أنه “أمام هذه السلسة اللامتناهية من طلبات تقديم العروض منذ 2018 دون الحسم، وتوالي التمديدات المؤقتة للشركة الإسبانية الحائزة على الصفقة، فإنه لم يتم الحسم في هذا المشكل ومعالجته لحد الآن. ينضاف إلى هذا تقادم أسطول حافلات النقل، وتعرّضها للأعطاب، وتهديدها لسلامة الركاب والبيئة. كما أن حافلات النقل الكهربائية التي تم تشغيلها مع مؤتمر الأطراف للتحوّلات المناخية Cop22 تعد نموذجا فاقعا لسوء التسيير والتدبير، ذلك أنها انطلقت ب 9 حافلات، ثم توقّفت نهائيا عن أداء الخدمة، لتعيد العمل بحافلتين فقط يستغلان ممرا خاصا من مدخل مراكش الجنوبي إلى وسط المدينة، مما تسبب في عرقلة انسياب المرور والجولان وارتفاع منسوب التلوث، خاصة في المدارات الطرقية على طول شارع الحسن الثاني وملتقيات عدة شوارع وممرات أخرى، ليصبح هذا الشارع بؤرة لحوادث السير والركود الإقتصادي على امتداده”.
وعلى إثر ذلك، سجلت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان فرع المنارة مراكش، أن المجلس الجماعي لمدينة مراكش، وكلّ الجهات المتدخلة في التسيير والتدبير، تعتمد “سياسة إرتجالية، وتسوّق لبرامج متعثرة، وليس لها أثر إيجابي على تحسين الخدمات المقدّمة للساكنة، ولا المجال التنموي والإقلاع الاقتصادي. كما أن السلطات تغيب عنها المقاربة الاستشرافية والتخطيط والبرمجة الفعّالة المرفوقة بالتتبّع والمراقبة القبلية والبعدية لإنجاز المشاريع وتنفيذ ما يسمى البرامج”.
مؤكدة على أن “ما يعرفه مجال النقل الحضري وشبه الحضري ليس سوى عنوان كبير لسياسة التخبط والارتجالية وغياب الوضوح والشفافية اتجاه الساكنة وانتظاراتها”. محملة المجلس الجماعي وسلطة الوصاية مسؤولية ما تعانيه الساكنة مع النقل الحضري وشبه الحضري.
وعلى ضوء ذلك، أعلنت الجمعية عن استهجانها لسوء تدبير قطاع النقل الحضري وشبه الحضري، وللإرتجالية والتعثّر الذي يعرفه هذا القطاع؛ مستنكرة بشدة ترويج مخطّطات تروم التنمية وتعزيز البنية التحتية للمدينة خاصة الطّرقية والادعاء بجعل السّير والجولان سلسا، دون الالتزام بتنزيل تلك المخطّطات وتنفيذها وفق الإجراءات والتدابير المعلنة آخرها الإعلان عن الممرات تحت أرضية بمدارات مراكش قبل التراجع عن المشروع أو تجميد المشروع؛
كما شددت الجمعية، على أن أي حلّ يجب أن يراعي الحفاظ على حقوق ومكتسبات الشغيلة، ويضمن الرّبط بين جميع أجزاء المدينة باعتماد خطوط جديدة في اتجاه: الحي الصناعي سيدي غانم، والعزوزية انطلاقا من احياء المسيرة وسيدي يوسف بن علي والداوديات، وتأمين خطوط أيضا في اتجاه أبواب مراكش، ودار السلام، وأحياء أبواب جليز ومبروكة وبساتين جليز بقلب مقاطعة جليز والأحياء الجديدة بكل من المحاميد التي تعرف نموا عمرانيا متسارعا وتارگة والجماعة القروية السعادة وتسلطانت والويدان و ومدينة تامنصورت، كما شددت على ضرورة معالجة مشكل الحافلات الكهربائية التي إلتهمت ميزانيات ضخمة، هذا المشروع الفاشل بكل المقاييس والعديم المردودية مطالبة بتحويله للربط بين مراكش والمدن الجديدة كتامنصورت او الشويطر، كما أكدت على حق الساكنة في المعلومة التي يجب على المجلس، ليس فقط تزويد الرأي العام بها، بل تقاسمها وتعميمها لتكون في متناول الساكنة حتى تطلع عليها.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...