دخل متهم رئيسي في بكاء هستيري أمام المحكمة في ملف فضيحة وزارة الصحة التي يحاكم فيها مسؤولون ومدارء وموظفون وأرباب شركات وآخرون في اختلالات طالت صفقات وتجهيزات فيما بات يعرف بـ”زلزال وزارة الصحة”.
وقال أحد المتهمين الرئيسيين في الملف أمام القاضي علي الطرشي، بكلمات مختنقة تخالطها حشرجة وحروف تخرج بصعوبة “قلبي يحرقني سيدي الرئيس.. عمرنا كان عندنا سوء نية، وكلشي لي درنا فصالح الإدارة..” ليستعيد قواه ويعتدل صوته وهو يواصل الدفاع عن نفسه بأنه بذل كل جهوده لمصلحة وزارة الصحة من خلال الحرص على إنجاز محاضر ومدة الضمان واقتناء الأجهزة الأفضل والتي تستجيب لكافة المعايير.
وواصلت غرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بالجرائم المالية لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، صباح اليوم الخميس الاستماع إلى المتهمين في الملف الذي زلزل أركان وزارة الصحة بالنظر للصفقات ومناصب المسؤولين المتهمين في النازلة، حيث تم الاستماع إلى أحد أكبر المتهمين ومسؤول كبير في الوزارة بجهة الشمال، الذي أوضح أنه في فترة حراك الريف أمر وزير الصحة آنذاك الحسين الوردي بتسريع تسليم التجهيزات للمراكز والمستشفيات الصحية، مؤكدا أن بعضها جرى تسليمه من المؤسسات التي اكتمل بناؤها، بينما تم وضع التجهيزات الأخرى الخاصة بالمستشفيات والمراكز التي لم يكتمل بناؤها، داخل المستودع.
وبخصوص مجموعة من المحاضر الخاصة بالتسليم المختلفة، أكد المتهم أنه حفظا لمصلحة الوزارة والإدارة فقد تم تتبع التجهيزات التي وضعتها الشركات واكتشاف أن بعضها لا يشتغل، مما جعله يطلب من الشركات استقدام أخرى.
وأوضح المسؤول الكبير بالشمال، في تبرير لتبادل الرسائل مع الشركة، أنه في سنة 2019 تم تغيير جهازين وآلة تبين أنها “قديمة”، مضيفا أنالشركة أخبرت الإدارة أنها حين نقلت المعدات إلى المستشفى وشغلتها، حيث وجدتها معطلة بسبب ظروف التخزين، وهو ما دفعها لإنزال تجهيزات أخرى، ثم حاولت إصلاح الأجهزة المعطلة، غير أنه بالضغط الذي مارسوه على الشركة، اضطرت إلى استقدام أجهزة جديدة، وهذا ما يفسر وجود محاضر أخرى.
واعتبر أن ما يثبت النازلة، هو تسلم الأجهزة بصفة نهائية، وهو ما صادقت عليه لجنة المستشفى التي أكدت أن الأجهزة تستجيب للشروط وللضمان، معتبرا أن محضر التسليم النهائي يثبت أنه مكن الدولة من ربح سنة من الضمان أي ما يناهز 200 ألف درهم.
وحول وضعية الأجهزة، أكد المتهم أن كل الأجهزة التي وضعتها الشركة تم نقلها إلى المستودع، وأعادت الشركة التجهيزات الأصلية، ورغم ذلك فقد احتفظ بالأجهزة الأخرى في المستودع، مشيرا إلى أن الأجهزة تظهر قديمة، لكنها غير مستعملة، موضحا أنها تكون معبأة في علب كرتونية وأنها تتأثر بالرطوبة لأن مدينة الحسيمة معروفة بارتفاع درجة الرطوبة.
وأكد المسؤول، أنه منذ التحاقه بوزارة الصحة لم يستفد من أي تكوين في التعامل مع الصفقات، موضحا أنه رفقة زملائه استفادوا أحيانا من تكوينات تقنية ببعض المعارض، أما الصفقات فهي اجتهادات خاصة منهم.
ويتابع في الملف 36 شخصا، ضمنهم أطر وموظفون ومهندسون بالمصالح المركزية والجهوية للقطاع الصحي؛ إضافة إلى أصحاب شركات ومقاولات ومستخدمون، من أجل الاشتباه في ارتكابهم لجرائم مختلفة تتعلق بـ”تكوين عصابة إجرامية، والارشاء، والارتشاء، وتبديد المال العام، وتزوير محررات رسمية، وتزوير وثائق تصدرها الإدارة العامة واستعمالها، واتلاف وثيقة عامة من شأنها أن تسهل البحث عن الجنايات والجنح وكشف أدلتها وعقاب مرتكبيها، والتحريض على ارتكاب جنح، وإفشاء أسرار مهنية”.
وكان الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، أعلن أن قاضي التحقيق استنطق 31 شخصا من المتابعين بالتلاعب في صفقات وزارة الصحة، حيث أمر بإيداع 19 منهم رهن الاعتقال الاحتياطي بالسجن، فيما قرر إخضاع الباقي لبعض تدابير الوضع تحت المراقبة القضائية تراوحت بين إغلاق الحدود وإيداع كفالات مالية بصندوق المحكمة ضمانا لحضور إجراءات التحقيق.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...