بعد الهزة السياسية التي شهدتها فرنسا نتيجة صعود نجم اليمين المتطرف، تتابع العديد من الدول ومن بينها المغرب عن كثب مجريات الانتخابات التشريعية الفرنسية.
وفي الوقت الذي يسود فيه الترقب إزاء نتائج الانتخابات التشريعية الفرنسية المبكرة التي تجري جولتها الثانية الأحد المقبل، يرى مراقبون أن العلاقات المغربية الفرنسية لن تتأثر بصعود اليمين المتطرف إلى السلطة.
وفي هذا الصدد، قال الدكتور حسن بلوان محلل سياسي خبير في العلاقات الدولية، “ان فوز اليمين المتطرف واكتساحه الانتخابات التشريعية فرنسا التي كانت توصف بقلاع الليبرالية مؤشر خطير على حجم الضغط والتضييق الذي ينتظر المهاجرين العرب والمسلمين والمغاربة خاصة، الذين أصبحوا مادة دسمة في البرامج الانتخابية لليمين واليمين المتطرف.”
وأضاف بلوان في تصريح لموقع ” الأنباء تيفي” ان ما حدث في فرنسا بعيد الانتخابات الاوربية واليوم في الانتخابات الفرنسية يشكل صدمة سياسية ليس فقط بالنسبة للمهاجرين بل ايضا للأحزاب التي تتبنى خطابا متوازنا، مما يؤشر على تمدد اليمين المتطرف في البرلمان الفرنسي ومن تم نحو السلطة التنفيذية قصر الالزيه لاحقا، مما يعني اصدار قوانين وقرارات وخطابات أكثر راديكالية اتجاه المهاجرين العرب والمسلمين ذوي الاصول المغاربية.
وأكد الخبير في العلاقات الدولية، أن الانتخابات التشريعية الفرنسية التي اكتسحها اليمين المتطرف، ليس هناك اعتقاد بان يكون لها تأثير جذري على العلاقات الاستراتيجية بين المملكة المغربية والجمهورية الفرنسية، وذلك لعاملين أساسين، اوباما كون العلاقات المغربية الفرنسية عريقة وعميقة بين أجهزة ومؤسسات البلدين بغض النظر عن توجهات الاحزاب الفرنسية. ثم اكون المملكة المغربية طورت منذ عقود آليات وتوجهات التعامل مع الحكومة الفرنسية مهما كانت هوية الحزب المتصدر للانتخابات سواء كانت محلية أو تشريعية او رئاسية.
وأوضح بلوان، أن العلاقة مع المغرب أمام خيارات راديكالية وستتأثر لا محالة في قضية الهجرة باعتبارها الوتر الحساس الذي يستغله اليمين المتطرف الاوربي والفرنسي في جميع الاستحقاقات الانتخابية. لكن في المقابل يعتقد المتحدث انه ستكون انفراجة قوية في الملفات الاخرى ذات الاهتمام المشترك، خاصة فيما بتعلق بالموقف الفرنسي المتقدم من قضية الصحراء المغربية وباقي القضايا الاستراتيجية الاخرى.
وأشار الخبير في العلاقات الدولية، إلى أن العلاقات المغربية الفرنسية عرفت في مساراتها التاريخية مدا وجزرا، لكن دون ان تخرج عن عمقها الاستراتيجي، وشكلت على الدوام نموذجا للتعاون البناء بين الشمال والجنوب داخل الفضاء المتوسطي بغض النظر عن اليمين أو الوسط أو اليسار الذي يهيمن على الحياة السياسية.
وأردف المتحدث ذاته قائلا: “رغم أن العلاقات الخارجية للدولة الفرنسية يمسك بخيوطها رئيس الجمهورية الذي يعين وزير الخارجية، إلا أنه يمكن القول أن ما كان يعرف بالظاهرة الماكرونية نسبة للرئيس ماكرون انتهت وأقبرت مع الانتخابات التشريعية اليوم، وعلى المغرب أن يبحث عن ٱليات جديدة للدفاع عن مصالحه الاستراتيجية داخل فرنسا الجديدة وداخل الفضاء الاوربي الذي تجتاحه رياح اليمين واليمين المتشدد في أكثر من دولة اوربية.
من جانبه، استبعد الدكتور محمد شقير الخبير في العلاقات الدولية، أن تتغير العلاقات بين الرباط وباريس في حال حصول اليمين المتطرف على الأغلبية التي تمكنه من رئاسة الحكومة الفرنسية.
وأضاف شقير في تصريح لموقع “الأنباء تيفي” أنه على الرغم من توقف وتيرة العلاقات التي تسارعت خلال هذه السنة بسبب إجراء الانتخابات التشريعية، فهذا لم يمنع من أن تتعزز هذه العلاقات التي استأنفت بعد سنتين من التوتر، حيث تزايدت زيارات المسؤولين الفرنسيين للمغرب بما فيها زيارة رئيس الحكومة وترقب زيارة الرئيس الفرنسي.
وأكد الخبير في العلاقات الدولية أن لفرنسا الرغبة في الحفاظ على مصالحها التي أصبحت تواجه منافسة دول أوروبية، مشيراً إلى أن إسبانيا أصبحت الشريك الاقتصادي الأول للمملكة عوض فرنسا، وكذا رغبة بريطانيا في الاستثمار في مشاريع تهم الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر، إلى جانب ألمانيا التي تحرص على استغلال الكفاءات المغربية.
وفي هذا الصدد، لفت المتحدث إلى المنافسة الصينية الأمريكية، حيث تتطلع بيكين وواشنطن إلى تحقيق استثمارات في الأوراش الكبرى خاصة بالأقاليم الجنوبية للمملكة.
وأردف شقير قائلا: “لا ننسى بأن اليمين المتطرف له مواقف أكثر مساندة لمغربية الصحراء، بحيث أن أي فوز انتخابي لليمين المتطرف قد ينعكس إيجابيا على تبني فرنسا لموقف مساند لمغربية الصحراء”.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...