نظّمتْ مؤسسة عبد القادر بن صالح، يوم 17 أكتوبر بفندق بارسيلو أنفا بالدار البيضاء، الدورة الثالثة لمنتدى WeXchange تحت شعار “القطاع الثالث أساس التحولات المؤدية إلى التقدم الاجتماعي”. عودة لهذا الحدث الذي بيَّن أهمية وإمكانات القطاع الثالث في مجال الابتكار الاجتماعي، والتي تظهر بشكل خاص من خلال مداخلات المتخصصين ولجان صناع القرار وكذلك عبرَ حلقات النقاش.
وعملت النسخة الثالثة من منتدى WeXchange على تسليط الضوء على القطاع الثالث المغربي ودوره في التنمية الاجتماعية والاقتصادية للبلاد، وذلك من أجل مناقشة القضايا المتعلقة بالإدماج الاجتماعي، التنمية المستدامة، واقتصاديات الغد. ورفقة أكثر من 40 متدخلاً يمثلون جهات مختلفة من المنظومة، وبحضور أكثر من 300 مشارك، يطمح منتدى WeXchange إلى المساهمة، من خلال النقاش والذكاء الجماعي، إلى تعزيز دور القطاع الثالث في البناء المشترك لمغرب أكثر اندماجاً وقدرة على الصمود.
وجمع هذا اللقاء السنوي، الذي تقيمه مؤسسة عبد القادر بن صالح منذ سنة 2022، خلال هذه الدورة الثالثة، عدة فاعلين من المجتمع المدني إلى جانب باحثين متخصصين وأكاديميين وخبراء لمناقشة التقدم الاجتماعي، فكان المنتدى فرصة للجمع بين المعرفة والخبرة التي يكتسبها البعض والتجربة والمعرفة العملية التي لدى البعض الآخر.
وقد صرّح طارق المعروفي، المدير العام لمؤسسة عبد القادر بنصالح قائلا: «نحن ندرك أن منظمات القطاع الثالث تعمل من خلال النماذج الموجودة التي تقوم على التضامن والمشاركة في بناء جماعات مرنة ومندمجة». وأضاف السيد معروفي: «إننا نسعى من خلال منتدى WeXchange إلى إشراك جميع الأطراف المعنية لإيلاء اهتمام خاص لإمكانات القطاع الثالث، من أجل دفع الابتكار الاجتماعي ومواجهة تحديات بناء مجتمع أكثر عدالة واستدامة».
وانطلق برنامج منتدى WeXchange بكلمة ترحيبية قدّمها السيد طارق المعروفي، المدير العام لمؤسسة عبد القادر بنصالح. متبوعة بمداخلة الخبير الاقتصادي حميد بوشيخي، مدير مركز المقاولة بالمدرسة العليا للاقتصاد والعلوم التجارية (ESSEC). وقد وضعت هذه المداخلة المشاركين في سياق الحدث، من خلال إثارة أسئلة جوهرية مثل التطورات الكبرى التي يمر بها المجتمع البشري، والتغييرات المترتِّبة عنها، والرهانات الاستراتيجية التي تفرضها، مرواً بالدور الأساسي للقطاع الثالث في مواجهة تحديات الغد.
وتواصلت أعمال المنتدى في صباح نفس اليوم مع لجنة من صناع القرار التي ضمَّت عائشة الرفاعي من شركة ODCO وسعدية السلاوي بناني من الاتحاد العام لمقاولات المغرب ومصطفى بوحدو من شركةREMESS وآخرين. وتمحور النقاش حول القطاع الثالث الذي شكّل، عبرَ تاريخ المغرب، ركيزة أساسية للتخفيف من المشاكل الاجتماعية والبيئية. فلقد ساهم هذا القطاع بشكل كبير في الدفع نحو المزيد من الإدماج والمساواة والتقدم الاجتماعي. ومع ذلك، تجد منظمات القطاع الثالث نفسها عند نقطة تحول حاسمة في مواجهة بيئة تتغيّر بشكل سريع ومستمر، كما أنها بيئة تتميز بالابتكارات التكنولوجية والتغيرات الديموغرافية، فهي الآن مدعوة إلى إعادة تحديد أدوارها وأساليبها حتى تظلَّ في طليعة التقدم الاجتماعي وتواصل المشاركة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية للبلاد.
وبعد ذلك، تمت إقامة جلسة حوار أغورا الشباب، في فضاء لتبادل الأفكار والآراء مع جيل الشباب المنتمين لمنظمات القطاع الثالث. وما يُحسب للمنظمين في هذا السياق، هو أنهم خصَّصوا هذا الحوار والنقاش لحوالي اثنا عشر ممثلا للنسيج الجمعوي قادمين من 12 جهة مغربية. وكان الهدف الرئيسي من هذه الجلسة هو السماح لهؤلاء الشباب بمشاركة وِجهات نظرهم حول التقدم الاجتماعي في المغرب، وتحديد التحديات الأساسية التي يواجهونها، واقتراح حلول مبتكرة لتقوية الوقع الاجتماعي للأنشطة التي يقومون بها. وقد كان تبادل الحوار مثمرا، مما ساهم في تحديد وصقل دور الفاعلين الشباب في تحقيق أهداف النموذج التنموي الجديد.
ويقرُّ النموذج التنموي الجديد بوضوح بأهمية الفاعلين في القطاع الثالث، كما أنه حدد هدفاً يتمثل في الرفع من مساهمتهم في الناتج المحلي الإجمالي إلى 8% بحلول سنة 2035 فضلاً عن خلق خمسين ألف منصب شغل سنوياً. كما يؤكد النموذج التنموي الجديد على الدور الأساسي للاقتصاد الاجتماعي والتضامني في تطوير أنشطة جديدة مدرَّة للدخل وذات قيمة.
وفي هذا السياق، فقد تمّ تنفيذ الشطر الثاني من برنامج ذلك اليوم حول النموذج التنموي الجديد. حيث قدّم أحمد رضا الشامي، رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، مداخلة مهمّة سلّط من خلالها الضوء على عدّة قضايا من قبيل تفويض الخدمات العمومية المحلية للجهات الفاعلة في القطاع الثالث، أدوار ومسؤوليات السلطات المحلية في هذا المجال، معرفة التحولات الكفيلة بتعزيز هذه الأشكال الجديدة من الأنشطة ذات الإمكانات العالية في التأثير الاجتماعي والبيئي، كيفية جمع الفاعلين العموميين والخواص والفاعلين الاجتماعيين من أجل الاعتراف التام والكامل بهذه الرافعة الجديدة للتنمية… وقد كانت هذه القضايا من بين المحاور التي تضمنَّتها الأسئلة التي طرحها الصحفي عبد الله الترابي على أحمد رضا الشامي.
ويتمتع القطاع الثالث عموماً باعتراف مؤسَّساتي من أعلى مستوى عبرَ النموذج التنموي الجديد. مما يشكل نقطة انطلاق لحركة واسعة وديناميكية يجب دعمها بشكل متزايد من قِبل الأطراف المعنية في المنظومة، بحيث يتمّ دعم هذا القطاع بشكل فعّال لوضع حلول ذات وقع قويّ في المجالات ذات الأولوية بالنسبة للمجتمع. ويتماشى هذا الهدف مع الغاية من هذا المنتدى الذي يطمح إلى المشاركة في بناء مغرب متجّه بعزم وإرادة نحو المستقبل، حيث يحظى هدف تحقيق الإدماج برعاية دولة قوية ومجتمع متين.
وبعد استراحة الغداء، استمرت فعاليات برنامج منتدى WeXchange في فترة ما بعد الظهر بعقد 10 حلقات نقاش حول موضوعات: الرصد الاستراتيجي، التفكير الاستراتيجي، الحوكمة والمساءلة، تعبئة الموارد البشرية، ديناميات القيادة، القطاع الثالث واقتصاد البيانات، الترافع المؤثر، القيادة الترابية، التمويل المبتكَر، وتفويض المرافق العمومية. وكانت هذه الجلسات متزامنة في وقت واحد، ثمّ قدّمتْ قراراتها والحلول التي توصلت إليها خلال جلسة مفتوحة في نهاية اليوم.
وفي نهاية هذا الحدَث، أشادَ المتدخِّلون والمشاركون والشركاء المؤسَّساتيون والمنظِّمون بجودة التبادل الفكري الذي شكّل مساهمة مهمة في النقاش حول الابتكار الاجتماعي وتأثيره في خلق الإدماج الاجتماعي والاقتصادي.
وخلص البلاغ أنه رغم تحديات التمويل والاعتراف، فالابتكار الاجتماعي باستطاعته، وبدعم من السياسات العمومية، منح الكرامة للمهمشين أو المستبعدين.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...