وجه النائب البرلماني عبدالعزيز درويش، سؤالاً كتابياً لكل من وزير الداخلية ووزيرة الاقتصاد والمالية ووزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، وذلك من أجل حل أزمة عقار بلاد تسلطانت التاريخي.
ويتعلق الأمر بالصك العقاري رقم 15145/م، حيث قال النائب أن المغرب يشهد منذ عقود طويلة العديد من النزاعات المتعلقة بالملكية العقارية، إلا أن حالة عقار “بلاد تسلطانت”، تبرز كواحدة من القضايا المعقدة التي تعاني منها جماعة تسلطانت القروية، الواقعة بالقرب من مدينة مراكش.
وأوضح النائب، أنه سبق وأن وجه مراسلة إلى وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، مطالباً فيها بتسوية الوضعية القانونية لهذا العقار لصالح الساكنة التي استوطنت المنطقة منذ عهد السلطان المولى عبد الرحمن بن مولاي هشام في القرن التاسع عشر.
وتعود جذور هذه الأراضي إلى عهد السلطان المولى عبد الرحمن بن مولاي هشام (1822-1859)، الذي قام باستقدام أسر من مختلف القبائل المغربية للعمل مع الجيش خلال الحروب، ومنحهم الحق في استغلال الأراضي الفلاحية في المنطقة تعويضاً عن الأراضي التي هجروها.
واستقرت هذه الأسر في عدة دواوير تابعة لجماعة تسلطانت، وشكلت مجتمعاً يعتمد على الزراعة والري من ساقية تسلطانت، التي جلبت مياهها من واد أوريكا.
وأكدت الظهائر السلطانية المتتابعة، بما فيها تلك التي أصدرها السلطان الحسن الأول في 1875، حقوق الساكنة في استغلال هذه الأراضي، لكن في فترة الاستعمار الفرنسي، تم تغيير الوضع بشكل مفاجئ. حيث أعلنت سلطات الحماية الفرنسية في عشرينيات القرن الماضي عن “التحديد الإداري” للعقار، ما ترتب عليه تسجيله كأملاك خاصة بالدولة المغربية بعد الاستقلال، مما أفقد الساكنة حق التصرف الذي منح لهم من قبل تسعة سلاطين و الملوك العلويين.
وفي عهد الملك الراحل الحسن الثاني، أمر الملك بتأسيس “واحة الحسن الثاني للزيتون والنخيل” كمشروع الحزام الأخضر لمراكش، الذي شمل عدة هكتارات من عقار “بلاد تسلطانت”. وجرى توزيع الأرض على الفلاحين الصغار بموجب اتفاقيات وقروض من الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية، حيث استفاد أكثر من 1400 فرد من قطع أرضية مسجلة ضمن المشروع. وتكفلت وزارة الفلاحة، ممثلة بالمكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي للحوز، بتهيئة وتجهيز هذه الأراضي بمرافق الري والصرف والطرق.
وبالرغم من أن السكان كانوا يأملون بأن يستكمل مشروع الواحة بوضع حد لنزاعاتهم العقارية، إلا أن الوضع القانوني للعقار لا يزال عالقاً. إذ لم يتم تفويت هذه الأراضي للمستفيدين، رغم التعهدات الحكومية بإتمام الإجراءات قبل يونيو 1996. ومذاك الحين، وجهت عدة طلبات ومراسلات من المجالس الجماعية المتعاقبة على مجلس تسلطانت، تطالب بتسوية الملكية.
المراسلة البرلمانية الأخيرة التي وجهها النائب عبد العزيز درويش، لا تقتصر على طلب تدخل وزير الداخلية، بل تشمل أيضاً وزيرة الاقتصاد والمالية، ووزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية. فالأمر يتطلب تنسيقاً بين الوزارات المعنية لضمان الحقوق القانونية للساكنة، وإمكانية تمليكهم الأراضي التي كانت يوماً حقاً مكتسباً بظهائر سلطانية.
وأكد سؤال عضو الفريق الاستقلالي، على أن استمرار الوضعية القانونية الملتبسة يؤثر سلباً على التنمية المحلية، إذ يجد السكان صعوبة في الاستثمار بالأراضي، وتطوير المشاريع الزراعية التي يمكن أن تعود بالنفع على المنطقة. كما يعمق هذا النزاع من شعور الساكنة بالغبن والإحباط، حيث يعيشون على أرضهم بوضعية متصرفين فقط، مما يحد من استقرارهم الاجتماعي والاقتصادي.
ويأمل السكان، أن تتحقق مساعي النائب عبدالعزيز درويش في تحقيق العدالة وتمليكهم الأرض بشكل قانوني. حيث اقترحت اللجنة الجهوية لتسوية الوضعية القانونية للأراضي في الدوائر السقوية، تفويت الأراضي وفقاً للظهير الشريف لعام 1953، الذي يسمح بتفويت أراضي الدولة ذات الاستغلال الصعب.
وشدد النائب على أن هذا الملف، يتطلب تدخلاً حاسماً من وزارات الداخلية، والاقتصاد والمالية، والفلاحة، لحل الأزمة المستمرة لعقود، وتقديم دعم فعلي لهذه الساكنة المتجذرة في أرضها. مشيرا إلى أن تفعيل هذا الحل القانوني ليس فقط وفاءً بالعهود، بل أيضاً إسهاماً في استقرار اجتماعي واستثماري يساهم في نمو المغرب.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...