كشف مجلس المنافسة عن معطيات صادمة تتعلق باتفاقات منافية لقواعد المنافسة الحرة، جمعت بين عدد من الفاعلين في سوق توريد السردين الصناعي، واستمرت على مدى عشرين سنة كاملة.
ووفق بلاغ رسمي صادر عن المجلس اليوم الخميس، فإن مصالح التحقيق توصلت إلى “قرائن قوية” تثبت وجود توافقات مريبة بين مجهزين بحريين، وحدات صناعية، وتجار الجملة، تهدف إلى التحكم في الأسعار وتوزيع الإنتاج بطريقة منسقة ومخالفة للقانون.
هذا التواطؤ، بحسب المجلس، لم يكن مجرد خلل عرضي، بل ممارسة ممنهجة أدت إلى تقويض قواعد السوق، ومنعت أي منافسة حقيقية أو دخول فاعلين جدد إلى المجال.
أخطر ما كشفه التحقيق هو تورط هذه الهيئات في تحديد أسعار البيع الأول للسردين الصناعي خارج منطق السوق الحرة، ما أدى إلى رفع الأسعار أو خفضها بشكل مفتعل، في ضرب واضح لمبدأ الشفافية وتكافؤ الفرص.
كما تم تسجيل توافقات أخرى تقيد الإنتاج وتوزيعه بشكل يعرقل دينامية السوق ويكبح أي محاولة لتجديد أو تنويع الفاعلين فيه.
وبناء على مقتضيات المادة 29 من القانون رقم 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة، أشار المجلس إلى أنه تم تبليغ مؤاخذات رسمية إلى 15 هيئة مهنية يُشتبه بتورطها في هذه الممارسات، تشمل مجهزين بحريين، مصانع تحويل وتثمين الأسماك، وتجار جملة ينشطون في شراء وتسويق السردين الصناعي.
هذه المؤاخذات تمثل، حسب بلاغ المجلس، انطلاقة للمسطرة الحضورية، التي تتيح للمتهمين ممارسة حقهم في الدفاع قبل اتخاذ القرار النهائي من طرف الهيئة التداولية المختصة.
ويؤكد مجلس المنافسة، أن هذه الممارسات تتعارض كليا مع المادة 6 من القانون السالف الذكر، التي تحظر بشكل قاطع كل اتفاق صريح أو ضمني يهدف إلى عرقلة المنافسة، أو التحكم المصطنع في الأسعار، أو منع ولوج السوق.
المجلس شدد في بلاغه على أن هذه التواطؤات لا تؤدي فقط إلى تضليل السوق ورفع الأسعار على حساب المستهلك، بل تساهم أيضا في تدهور جودة المنتجات وتقليص تنوعها، ما يُعد تهديدا مباشرا للسوق الوطني وللسيادة الاقتصادية في مجال حساس كقطاع الصناعات البحرية.
والكرة الآن في ملعب مجلس المنافسة الذي ينتظر أن يبت في هذه القضية الخطيرة بعد استكمال المسطرة القانونية، في خطوة قد تعيد رسم ملامح قطاع ظل لسنوات طويلة يتحرك في الظل بعيدا عن أعين الرقابة والمحاسبة.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...