عقد المكتب المركزي لودادية موظفي العدل، بشراكة مع وزارة العدل وبتنسيق مع النقابة الديمقراطية للعدل، ندوة وطنية حول موضوع “مرفق العدالة على ضوء النموذج التنموي الجديد، أمس الأربعاء بالمعهد العالي للقضاء بالرباط.
وأبرز رئيس النيابة العامة، الحسن الدكي، خلال مداخلته، بأن الندوة تأتي في سياق التفاعل مع مخرجات التقرير العام الذي قدمه رئيس لجنة النموذج التنموي الجديد والذي خلص إلى أن بنية العدالة ما زالت تعاني من بعض الأعطاب بالرغم من الإصلاحات التي عرفتها، مثل طول أمد البت في الملفات القضائية، والنقص في الكفاءات، وضعف الشفافية وغيرها، مما يفرض على كل مكوناتها من قضاة وموظفي كتابة الضبط ومحامين وخبراء وعدول وتراجمة ومفوضين قضائيين، وشرطة قضائية وغيرهم من مساعدي العدالة المشاركة في ورش إصلاح العدالة عبر الانخراط الجاد والمسؤول في إرساء دعائم التخليق وتكريس قيم الحياد والنزاهة وخدمة الصالح العام، وتعزيز ثقة المواطن والمستثمر في العدالة.
وأوضح الدكي بأن رئاسة النيابة العامة قد تفاعلت إيجابا مع لجنة النموذج التنموي من خلال تقديم ورقة حول تصورها بشأن دور القضاء في النموذج الجديد خلال لقاء تواصليا عقده المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة مع رئيس لجنة النموذج التنموي الجديد رفقة بعض أعضائها، وقدمت خلاصاتها حول ما جاء به التقرير العام بالنسبة لمنظومة العدالة، ما شكل مناسبة لإطلاع اللجنة على بعض المعيقات الواقعية والقانونية واللوجستيكية التي تحول دون الوصول إلى عدالة قوية ومتراصة، واقتراح الحلول الكفيلة بمعالجتها، كما قال الدكي بأن التصور تضمن تشخيصاً واقعياً للعدالة مع إبراز ما تحقق، وما ينبغي أن يتحقق والإكراهات والعوائق والحلول الممكنة لذلك. وذلك استكمالا للبناء المؤسساتي لمرفق العدالة والتطلع نحو إرساء أسسها الكفيلة بتحقيق الغايات المرجوة، وكذا انطلاقا من وعيها بالمسؤولية الملقاة على عاتقها في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها بلادنا والتي تتميز بعدة تحديات، وبقيمة انخراط مختلف مكونات العدالة من أجل المساهمة الفعالة في تنزيل مضامين النموذج التنموي الجديد.
وكشف الدكي بأن رئاسة النيابة العامة قد وضعت استراتيجية عمل للمرحلة ترتكز بالأساس على تعزيز ثقة المواطن والرفع من مستواها وتبسيط إجراءات الولوج إلى الخدمات التي تقدمها، والتعاطي إيجابا مع تظلماتهم وشكاياتهم وطلباتهم، والسهر على معالجتها داخل آجال معقولة، فضلا عن مساهمتها في تخليق الحياة العامة من خلال انخراطها في الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد عبر التشجيع على التبليغ على كل أشكال الفساد واختلاس المال العام، وذلك إيمانا منها بمحورية الاهتمام بالمواطن ضمن أولويات اشتغالها باعتباره يشكل صلب النموذج التنموي.
وشدد المتحدث نفسه على أن أزمة الثقة في منظومة العدالة تتقاسمها كل الأطراف المتدخلة في العملية القضائية، وهو ما يقتضي تحمل المسؤولية بصفة جماعية لرفع التحدي وكسب رهان تحقيق النموذج التنموي الذي يتطلع إليه الملك محمد السادس، بعدالة قادرة على كسب رهان التنمية لتكون في مستوى انتظارات المغاربة وتحظى بالمصداقية والثقة، عدالة مستقلة وفعالة تربط تحقيق النتائج بالأهداف في إطار ربط المسؤولية بالمحاسبة.
وأورد الدكي بأن مكونات السلطة القضائية بما في ذلك رئاسة النيابة العامة، منكبون على دراسة وتحليل الخلاصات التي وردت في التقرير العام للجنة النموذج التنموي الجديد، وذلك بهدف تعميق تشخيص الواقع الحالي لمنظومة العدالة ببلادنا والبحث عن مختلف الصيغ المناسبة والآليات الممكنة لتجاوز كل الاختلالات، وتحقيق أقصى الغايات والأهداف المرجوة من طرح تلك الخلاصات أو من خلال ما قد يتم الوقوف عليه من معطيات أخرى من شأنها تطوير وتجويد العدالة، وذلك حتى تكون السلطة القضائية في الموعد من أجل كسب رهان التنمية ببلادنا.