أكد الحسن الدكي، رئيس النيابة العامة، على أن هذه الأخيرة تضع الإنصات لتظلمات المواطنين وحسن تحسين ظروف استقبالهم والتواصل معهم والانفتاح على مطالبهم ومقترحاتهم على رأس أولويات اشتغالها، متطلعة في ذلك إلى تكريس الشعار الذي رفعته لهذه المرحلة ألا وهو “نيابة عامة مواطنة” غايتها في ذلك خدمة المواطنين، وإشاعة معاني العدالة في أبهى صورها وتعزيز الثقة لدى المتقاضين.
قال الدكي في مداخلة له خلال ندوة وطنية من تنظيم المجلس الأعلى للسلطة القضائية، بشراكة مع هيئة المحامين لدى محاكم الاستئناف بأكادير وكلميم والعيون، حول:” المحاكمة العادلة في ظل عشر سنوات من نفاذ دستور 2011″، -قال- بأنه إذا كانت مسؤولية المشرع قد استكملت بسن النصوص القانونية المحددة لشروط المحاكمة العادلة، فإن الهدف الراسخ المتمثل في التفعيل العملي السليم لقواعدها ومبادئها تتقاسمه أجهزة العدالة بكل مكوناتها، وهذا ما يدعونا جميعا الى تفعيل ما تكون لدينا من رصيد قانوني متقدم يروم تكريس المبادئ الكبرى المحددة للمحاكمة العادلة، ويقتضي منا جميعا استحضار أدوار كل الفاعلين في حقل العدالة في هذا المجال من قضاة وعلى الخصوص هيئة الدفاع، وكافة مساعدي القضاء من عدول، وخبراء، وموثقين، ومفوضين قضائيين، وشرطة قضائية، فكلنا مؤتمنون على تعزيز شروط ضمانات المحاكمة العادلة من خلال دعم الهيئات القضائية وتيسير مهامها أثناء مختلف مراحل المحاكمة، وذلك من خلال إشاعة روح الثقة، والنزاهة، والحياد وبالتالي تكريس التطبيق السليم للقانون، غايتنا الفضلى إحقاق الحق والإحساس بالاطمئنان إلى مبادئ المساواة أمام القانون.”.
وأكد الدكي على أن “المحاكمة العادلة تعد مطلباً حقوقياً تتوق إليه كل الشعوب ومطمح لكل الحقوقيين والمفكرين وبها تبنى دولة الحق والقانون، فالحديث عن المحاكمة العادلة هو حديث عن الديمقراطية وسيادة القانون،” مؤكدا على أن “النضال حول مبادئ المحاكمة العادلة ظل لصيقا منذ القدم بمطلب استقلال القضاء وانسجاما مع هذه المعادلة فقد انخرط المغرب في العقدين الأخيرين في مسلسل إصلاح عميق وشامل لمنظومة العدالة”.
وأشار رئيس النسابة العامة إلى أن الوثيقة الدستورية لسنة 2011 جاءت بعدة تعديلات جوهرية بوأت من خلالها السلطة القضائية مكانة دستورية باعتبارها سلطة مستقلة عن باقي السلط وأرست دعائم استقلال النيابة العامة وأوكلت للقضاء حماية حقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم وأمنهم القضائي وتطبيق القانون. كما أولى الدستور المغربي أهمية بالغة لحقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم ترجمها من خلال تأكيده على حماية منظومة حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني ضمن المبادئ الأساسية التي تضمنتها ديباجته، بالإضافة إلى التكريس الدستوري للحق في محاكمة عادلة.
وأوضح الداكي بأن “رئاسة النيابة العامة، وتكريسا لهذا البعد الدستوري المتعلق بحماية الحقوق والحريات وضمان المحاكمة العادلة، وضعت هذه المواضيع ضمن أولوياتها القارة في السياسة الجنائية التي تسهر على تنفيذها وذلك في استحضار تام للتعليمات الملكية السامية التي وردت في ظهير تعييني وكيلا عاما لدى محكمة النقض، وبهذه الصفة رئيسا للنيابة العامة والتي أناطت بالنيابة العامة الدفاع عن الحق العام والذود عنه وحماية النظام العام والعمل على صيانته والتمسك بضوابط سيادة القانون ومبادئ العدل والإنصاف وصيانة حقوق وحريات المواطنين والمواطنات، أفراداً وجماعات في إطار من التلازم بين الحقوق والواجبات”.
وذكر الدكي بأنه انطلاقا من هذه الأدوار الهامة المنوطة بالنيابة العامة، فإن هذه الأخيرة في إطار تدبيرها للدعوى العمومية تحرص على التمسك بالتطبيق السليم للقانون باعتباره مدخلاً أساسياً لتحقيق شروط المحاكمة العادلة، كما تحرص على تكريس حقوق الدفاع في إطار المحددات المنصوص عليها قانونا وفق منظور يعطي للمحكمة كامل الاستقلالية في الإنصات والاستماع للأطراف ومناقشة وقائع القضية، وبما يكفل أيضا بسط مختلف أوجه الدفاع والذي يشكل قطب الرحى في تحقيق شروط المحاكمة العادلة الذي يظل فيها القضاء أحد الضمانات الأساسية لتحقيقه.
واعتبر المتحدث نفسه بأن الرهان اليوم معقود على الجميع للانتصار لقيم العدل والانصاف والاستجابة للانتظارات المستحقة للمواطنين انطلاقا من هذه الرؤية واستحضارا لرسالة القضاء النبيلة ودوره في التطبيق السليم للقانون، واحترام شروط المحاكمة العادلة. واستحضاراً كذلك للدور الطلائعي الذي تقوم به هيئة الدفاع لتحقيق نفس الأهداف النابعة من نبل رسالتها في الدفاع عن الحقوق ومساندة المظلومين بالنظر للقيم المثلى التي يتعين أن يتحلى بها منتسبو العدالة والتي يجب أن تتجسد من خلال الاستقلال، والحياد، والمسؤولية، والنزاهة، والكفاءة.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...