ينتهي يومه الأربعاء فصل طويل من تاريخ ألمانيا المعاصر مع انتخاب مجلس النواب (البوندستاغ) الاشتراكي الديموقراطي أولاف شولتس مستشارا للبلاد لرئاسة حكومة تكافؤ غير مسبوقة وطي صفحة حكم أنغيلا ميركل.
وبذلك تكون ميركل، وهي أول امرأة تدير ألمانيا، أمضت في السلطة 5860 يوم. إلا أنها ستغادر قبل تسعة أيام من تمكنها من كسر الرقم القياسي الذي سج له هيلموت كول في الحكم والي كانت تعتبره قدوة لها.
وستسلم المستشارة المحافظة مقاليد الحكم في أول قوة اقتصادية أوروبية اليوم الأربعاء إلى أولاف شولتس الذي كان في آن مع خصمها السياسي لكن أيضا نائبها في المستشارية ووزير المال في حكومتها.
بعد أكثر من شهرين من فوزه في الانتخابات التشريعية في أواخر شتنبر، سينتخب البوندستاغ شولتس على رأس ائتلاف غير مسبوق شكل بأسرع مما كان متوقعا ويضم ثلاثة مكونات هم الحزب الاشتراكي الديموقراطي وحزب الخضر والحزب الديموقراطي الحر الليبرالي.
تم تخطي مرحلة أخيرة الإثنين مع إعطاء دعاة حماية البيئة الضوء الأخضر بنسبة 86%، للمشاركة في التحالف. كان الاشتراكيون الديمقراطيون والليبراليون صادقوا على عقد الحكومة خلال عطلة نهاية الأسبوع.
وستسلم ميركل الأربعاء بعد عملية التصويت، مقاليد الحكم إلى اليسار الوسط للمرة الأولى منذ كان غيرهارد شرودر مستشار ا للبلاد.
وللمرة الأولى، ستتولى حكومة تكافؤ السلطة مع تعيين نساء في مناصب وزارية رئيسية كالشؤون الخارجية أو الداخلية أو الدفاع.
وقال شولتس الاثنين “أنا فخور خصوصا بتولي نساء وزارات لم يكن من المعتاد” أن تشغلها نساء. غير أن شولتس الذي يقد م نفسه على أنه وريث ميركل وتصفه مجلة “دي تسايت” الأسبوعية بأنه “أكثر صرامة” من ميركل، يعتزم إعطاء زخم جديد.
وقال شولتس لمجلة “دي تسايت”، “أريد أن تشهد سنوات 2020 انطلاقة جديدة” مؤكدا أنه يريد العمل على “أكبر تجديد صناعي” في تاريخ ألمانيا المعاصر يكون “قادرا على وقف التغير المناخي الذي سببه الإنسان”.
تعد حكومته أيضا بانتهاج سياسة شديدة الموالاة للاتحاد الأوروبي تهدف إلى “زيادة السيادة الاستراتيجية للاتحاد” والدفاع بشكل أفضل عن “المصالح الأوروبية المشتركة”.
على خط مواز ، تعتزم وزيرة الخارجية المقبلة أنالينا بيربوك انتهاج خط أكثر تشددا حيال الأنظمة الاستبدادية على غرار الصين وروسيا.
لكن سينبغي على الحكومة المقبلة أن تركز فور تشكلها على أكبر تحد لها وهو إدارة الموجة الجديدة من تفشي وباء كوفيد-19 التي تشهدها ألمانيا.
يعتزم شولتس الذي يتمتع بخبرة كبيرة لكنه يفتقر إلى الكاريزما، جعل مجلس النواب يصوت على إلزامية تلقي اللقاح التي يفترض أن تصبح نافذة في فبراير أومارس.
يحظى هذا التدبير الذي فرضته النمسا المجاورة، بدعم ثلثي الألمان تقريبا إلا أنه قد يصطدم بمعارضة قسم كبير من السكان خصوصا في ألمانيا الشرقية السابقة.
في هذا الوقت، اتفق شولتس وميركل والمناطق الـ16 الألمانية على فرض قيود جديدة تستهدف حصرا غير الملقحين، فمنع هؤلاء من الدخول إلى الأماكن الثقافية والمطاعم والمتاجر غير الأساسية الأخرى.
وسيتعامل شولتس، رئيس بلدية هامبورغ سابق ا والذي سيتوجه في أول زيارة له إلى الخارج إلى فرنسا على غرار أسلافه، مع وضع اقتصادي غير مؤات في ظل نمو أدنى من التوقعات ونسبة تضخم ترتفع مجد دا.
ويتحتم على شولتس وحكومته المؤلفة بشكل أساسي من وزراء لا يتمتعون بخبرة واسعة، أن يعالج مجموعة مواضيع أخرى لا تحظى بالضرورة بتأييد الألمان.
بحسب استطلاع للرأي أجرته قناة “ايه ار دي” الرسمية، فإن الزيادة المرتقبة للحد الأدنى للأجور والتخلص من استخدام الفحم وتطوير مصادر الطاق المتجددة هي مواضيع تحظى بتأييد غالبية الألمان.
في المقابل، لا تؤيد سوى أقلية من الألمان وعودا أخرى للائتلاف الحكومي الثلاثي هي بيع القنب بدون وصفة طبية وشراء الجيش الألماني طائرات مسي رة وتخفيض سن التصويت إلى 16 عام ا.
وفي ما يخص المناخ، يبدو هدف الحد من الاحترار العالمي عند 1,5 درجة مئوي ة، غير قابل للتحقيق في الوقت الحالي رغم “البرنامج الأكثر طموح ا الذي قد مته حكومة على الإطلاق”، بحسب دراسة أجراها تحالف المناخ الألماني.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...