الاختراق الدبلوماسي المغربي لنيجيريا يبدأ بافتتاح المصنع الأول في افريقيا لإنتاج الأسمدة

قال المدير العام لمجموعة “OCP AFRIQUA”، محمد أنور جمالي، في حفل افتتاح أول مصنع في القارة لمزج الأسمدة، بنيجيريا، “هذا المرفق ليس فقط لإنتاج الأسمدة، ولكن أيضًا ليكون له تأثير عميق على سلسلة القيمة الزراعية في البلاد”. مضيفا أن ” OCP Africa، تلتزم بالمساهمة في تغيير النظام الغذائي في القارة، وتمثل نيجيريا مركزا استراتيجيا لمجموعتنا، كواحدة من وحدات خلط الأسمدة الثلاث المخطط لها في نيجيريا (الاثنان الآخران قيد الإنشاء في Ogun وSokoto)، هذا المصنع هو جزء من الشراكة بين مجموعة OCP والحكومة النيجيرية التي تهدف إلى دعم تطوير الزراعة النيجيرية”.

قد يبدو تصريحا عاديا، ولكن للباحث في العلاقات الدولية والترافع الدبلوماسي، عثمان عيشوش رأي أخر، إذ قال في هذا الصدد لموقع الأنباء تيفي، أنه “عند قراءة الخبر قد يأتي في ذهنك سؤال، لماذا قام المغرب بفتح مصنع إنتاج الأسمدة في نيجيريا بدل إنشائه في المغرب؟ وجواب هذا السؤال يحتاج النظر إلى هذا الأمر له جوانب اقتصادية، وسياسية بالدرجة الأولى”.

الجانب الاقتصادي

أضاف عيشوش، أن ” إنتاج الأسمدة يحتاج الفوسفاط كمادة أولية، لكن كلفة الإنتاج الإجمالية لتحويله إلى سماد لا يشكل الفوسفاط سوى 20٪ منها، أما 80٪ فهي كلفة الطاقة المستعملة في إنتاج السماد، والمغرب ليس دولة منتجة للموارد الطاقية، وإنما دولة مستوردة.

لهذا فإن إنشاء المصنع في دولة تملك احتياطات ضخمة من الغاز الطبيعي (لتشغيل المصنع) كنيجيريا، سيقلل كلفة الإنتاج بشكل كبير إذا ما قارناه مع كلفة إنتاجه في المغرب وتصديره إلى نيجيريا”.

الجانب السياسي

تابع الباحث، “سيكون هذا المصنع هو واحد من بين ثلاثة مصانع التي ستفتح في نيجيريا (مصنعين قيد الانشاء، ولهذا المصنع أبعاد سياسية أكثر منها اقتصادية. حيث أن دولة نيجيريا بها كثافة سكانية عالية تحتاج لتوفير الغذاء، والسماد هو المحرك الاساسي للإنتاج الزراعي. وبالتالي فإن الأمن الغذائي النيجيري، سيصبح مرهونا بالفوسفاط المغربي، وعندما نتحدث عن ضمان الأمن الغذائي، فنحن نتحدث عن ضمان الاستقرار الاجتماعي في البلاد”.

الاختراق الدبلوماسي

وأردف عثمان كلامه قائلا، “ببساطة، إن المغرب سيصبح مؤثرا على الاستقرار الاجتماعي بنيجيريا، وهذا سيسهل تحقيق الاختراق الدبلوماسي الذي يسعى اليه المغرب، من أجل جلب اعتراف ودعم رسمي لمغربية الصحراء من قبل نيجيريا، باعتبارها أكبر قوة اقتصادية وديموغرافية في القارة الأفريقية”.

“وهناك مسألة أخرى لا تقل أهمية، المغرب كان قد قدم طلبا للانضمام إلى مجموعة غرب أفريقيا، لكن هناك بعض الأعضاء الذين حاولوا عرقلة انضمام المغرب لخوفهم من أن يسيطر على هذا التكتل الاقتصادي وأهمهم نيجيريا، تمكين المغرب لنيجيريا من صناعة الأسمدة وتصديرها نحو دول غرب أفريقيا، انطلاقا من نيجيريا سيقلص تخوفها من أن يزيحها المغرب كدولة مركزية في هذا التكتل الإقليمي، وسيعزز إدراكها بأن المغرب يسعى في إطار شراكة جنوب – جنوب إلى تحقيق مبدأ رابح – رابح لا لتحقيق الهيمنة. وكل هذا يصب في مصلحة المغرب سياسيا واقتصاديا و في مصلحة دول غرب أفريقيا بضمان أمنها الغذائي”.