يجمع المتتبعون وأساتذة العلاقات الدولية على أن أبرز حدث سياسي طبع سنة 2022، هو عودة الدفء إلى علاقات المغرب مع إسبانيا، أولا، وألمانيا وهولندا وبلجيكا كذلك، على اعتبار مواقفها السابقة من الصحراء المغربية ومقترح الحكم الذاتي، وهو ملف أدخل هذه العلاقات في أزمات دبلوماسية.
فبعد انتهاء سنة 2021 على وقع أزمة دبلوماسية خانقة، بين المغرب وإسبانيا، بسبب استقبال الجار الشمالي زعيم الانفصاليين، استهل البلدان سنة 2022 بأفضل ما يمكن أن يفعله جاران أرادا أن يكون الجوار مثمرا وآمنا في محيط إقليمي متغير وصعب.
وبعد ثبات المغرب في موقفه من هذا الاستقبال، تراجعت إسبانيا عن مواقفها، وأجبرها المغرب على أن ينقلب استقبال الانفصاليين إلى خارطة طريق واضحة أصابت الجيران الآخرين في مقتل.
وسجلت سنة 2022 لحظة تاريخية ومفصلية، بين البلدين، حين استقبل الملك محمد السادس رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز في السابع من أبريل الماضي.
الاستقبال تمخض عنه دعم صريح بمبادرة الحكم الذاتي، من بلد كان سابقا هو الضالع بشكل أو بآخر في تأزم الملف. كما تم التوقيع على التزامات رفعت العلاقة عاليا.
وتمضي هذه التعهدات على وقع اللقاءات والزيارات المتبادلة، على أن تتكلل مع بداية سنة 2023 بعقد القمة العليا المغربية الإسبانية التي استعد لها البلدان منذ عودة العلاقة إلى طبيعتها.
سنة 2022 كانت فيها علاقة المغرب وألمانيا متأزمة، لأن هذا البلد الأوروبي غامض في ما يتعلق بالقضية الوطنية، وهو ما لم يتردد المغرب في تأكيده.
غير أنه مع بداية غشت 2023، تغير الموقع الألماني، تماما كما تغير موقف إسبانيا، حيث قررت وزيرة الخارجية زيارة المغرب، والتقت بنظيرها ناصر بوريطة.
هذه الزيارة أسفرت عن إعلان فتح حوار استراتيجي وإعادة إحياء اللجنة الاقتصادية المشتركة، والاتفاق على التعاون في مجالات الطاقة والاستثمار أساسا.
الأكثر من هذا، أن ألمانيا اعتبرت، لأول مرة، أن مقترح الحكم الذاتي قاعدة صلبة وشرعية، وعلى أنه يتوجب تجاوز أي سوء فهم.
وقد اعتبر ناصر بوريطة، في اجتماع بمجلس النواب شهر أكتوبر، أن الدبلوماسية المغربية تغيرت وأصبحت فعالة بفضل التوجيهات الملكية، معتبرا أن الموقف الإسباني والألماني من القضية الوطنية أكبر دليل، مشيرا إلى أن 84 في المائة من دول الأمم المتحدة لا يعترفون بالكيان الوهمي.
ناهيك عن تواتر افتتاح بعثات دبلوماسية وقنصليات عدد من البلدان في الصحراء والداخلة، للتعبير عن الدعم الصريح للمغرب.
في تصريح لـ”الأنباء تيفي”، قال عصام العروسي، أستاذ العلاقات الدولية، إن المغرب لعب دورا كبيرا ومحوريا في الصعيد الإفريقي والإقليمي سنة 2022، مشيرا إلى أن المملكة انتخبت في أكثر من منظمة دولية، ناهيك عن استضافتها مؤتمرات دولية على أعلى مستوى (التحالف الدولي ضد داعش، وحوار الحضارات).
ولفت في تصريحه إلى مواقف إسبانيا وألمانيا، مبرزا أن فعالية الدبلوماسية المغربية ظهرت جليا في تقارير الأمم المتحدة الأخيرة.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...