قال وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، في لقاء فكري، أمس الثلاثاء، “أننا حينما نسعى لإجراء أي إصلاح في منظومة الحقوق والحريات، فإنّما نسعى لتحقيق ذلك في إطار من الاحترام التام والتوفيق بين مختلف الثوابت الدستورية للمملكة، وكذا بين مختلف المرجعيات المجتمعية، وفي حالة الاختلاف فإننا نحتكم إلى مؤسسة إمارة المؤمنين، تحقيقًا لمقاصد الدين الكُلِّية واستلهامًا لروحه في الحرية والكرامة والعدل والمساواة بين الناس”.
و تابع وهبي بالقول، أن الأمر يتم باعتبار جلالة الملك أمير المؤمنين، هو الكافل لحقوق المواطنات والمواطنين والضامن لحرياتهم بمقتضى الدّستور، في إطار من الالتزام بثوابت الدين وكلياته ومنظومة قيمه الكونية، وهو ما يُفسر تشبّث ملوك المغرب إلى اليوم بمبدأ الشرعية، وتشديدهم على أنهم لا يُحلّون حرامًا ولا يُحرمون حلالا .
واستند وزير العدل في كلامه، إلى خطاب جلالة الملك محمد السادس، بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة الثانية من الولاية التشريعية السابعة عام 2003، حيث قال: “لا يمكنني بصفتي أميرًا للمؤمنين أن أحلَّ ما حرَّم الله وأُحَرِّم ما أحلّه”.
وأوضح المتحدث بهذا الخصوص، أن التزام وليّ الأمر بمبدأ الشرعية في سياق نهوضه بواجب التحكيم، لم يأت ليغل يده بقدر ما أتى للإفساح له في عملية الاجتهاد.
ومصداق ذلك، يضيف وهبي، “أن التزام الملك بمبدأ الشرعية في الخطاب سالف الذكر، جاء مرتبطا ومشروطا بحرص جلالته على أن يتمَّ ذلك “في إطار مقاصد الشريعة الإسلامية، وخصوصيات المجتمع المغربي، مع اعتماد الاعتدال والاجتهاد المنفتح، والتشاور والحوار، وإشراك جميع المؤسسات والفعاليات المعنيّة”.
و أبرز وزير العدل في كلمته، أنه من المعلوم على أن نظرية المقاصد شكَّلت الإطار النظري والمنهجي الذي أسْعَف العقل الإسلامي المستنير في النهوض بأهم عملية تجديدية شهدها الفكر الإسلامي الحديث والمعاصر منذ محمد عبده مرورًا بالطاهر بن عاشور وعلال الفاسي وغيرهم ، ما يؤكد أن ورودها في الخطاب الملكي التزام بمبدأ الشرعية (لا أحل ما حرم الله ولا أحرم ما أحله)، والذي لا يتم على وجهه الشرعي الأمثل إلّا من خلال الالتزام بعملية الاجتهاد والتجديد وفق رؤية مقاصدية، انطلاقا من مقاربة تشاورية قائمة على الحوار وإشراك جميع القوى والهيئات المعنية، في إطار من الاعتدال والاجتهاد المنفتح.
مبرزا في الآن ذاته، أن مبدأ الشرعية المتمثل في قول جلالة الملك: “لا يمكنني بصفتي أميرا للمؤمنين أن أحلّ ما حرم الله وأحرم ما أحلّه” يؤكد صلاحياته الدستورية كسلطة تحكيمية شرعية، عليا تدرأ الخلاف بين مكونات الأمة.
و خلص الوزير إلى القول، أن التحكيم لا يكون بداهة إلّا بالتوفيق والتشاور والاجتهاد سعيا لما فيه المصلحة: أينما كانت المصلحة فتم شرع الله، أينما كان العدل فتم شرع الله..، قائلا، “لذلك كله فالمطلوب من الحقل الديني مواصلة التجديد بالمعنى الحقيقي للكلمة، والاجتهاد بكل معانيه، إخلاصا لروح الإسلام، وخدمة لمصلحة الوطن”.
وكان وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، قد شارك أمس الثلاثاء، في لقاء فكري رمضاني، خصص لمناقشة موضوع، “الحريات الفردية بين القيم الكونية والثوابت الوطنية”.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...