قال عبد اللطيف وهبي وزير العدل: إن “الجريمة أصبحت تأخذ منحى أكثر اتساعا وتجاوزت الحدود الداخلية للدول، وانتقلت من المجتمع الداخلي إلى المجتمع الدولي، مما أدى إلى ظهور أنماط جديدة منها على جميع المستويات الوطنية والإقليمية والدولية لم تكن معروفة سابقا، على غرار جريمة غسل الأموال التي تفاقمت خطورتها إلى درجة فاقت قدرات الدول على المكافحة الفردية لها، ونظرا لخطورة وتزايد نشاطات عصابات الجريمة المنظمة، أصبح التعاون الدولي في مجال مكافحتها يشكل عنصرا هاما في مواجهة هذه الظاهرة والحد منها”.
وأكد وهبي، في كلمة ألقاها خلال أشغال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الإقليمي المنعقد صبيحة اليوم الاثنين بقصر المؤتمرات الولجة بالعاصمة الرباط، على أن المواجهة الحاسمة لجريمة غسل الأموال لن تتأتى إلا من خلال تبادل التجارب بين الدول وربط أواصر التعاون بين مختلف السلطات القضائية والتنفيذية والتشريعية، بهدف توحيد المساطر والإجراءات التي تسهل رصد وتتبع ومصادرة حركة الأموال غير المشروعة.
واعتبر وهبي، أن هذه المواجهة لن تتأتى إلا في إطار مقاربة تشاركية بناءة بهدف إرساء تعاون إقليمي أكثر نجاعة من أجل تطويق هذه الجريمة العابرة للحدود مما سيسهم لا محالة في دفع عجلة التنمية في مختلف القطاعات بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مضيفا أن تنظيم هذا المؤتمر الإقليمي يكتسي أهمية بالغة من نواحي متعددة، سواء من حيث ظرفيته التي تتصادف ومجموعة من التحولات التي يشهدها العام وتأثيرها على المجالين المالي والاقتصادي، أو من حيث حجم الحضور بفعل التمثيلية الواسعة الرفيعة المستوى ل 21 دولة عضو في مجموعة العمل المالي.
وأشار عبد اللطيف وهبي، إلى أن التقدم العلمي في مجالات التكنولوجيا والثورة الصناعية أدى إلى زيادة التقارب بين الدول نتيجة لتطور وسائل المواصلات والاتصالات، إلا أن هذا التقدم وضع في متناول كل إنسان، صالحا كان أم طالحا، الأمر الذي أدى إلى تأثر الفكر الإجرامي به، فترك بصمته الواضحة على عالم الجريمة، مبرزا أن التعاون القانوني والقضائي بين الدول يعد إحدى الضرورات اللازمة لمواجهة الأنشطة الإجرامية المستحدثة، على نحو يتكامل مع القوانين الوطنية، حيث لم يعد ينظر إلى التعاون بأنه يخلق السيادة فوق الدول، بقدر ما أصبح يعني التعاون بين سيادات دول مختلفة، تهدف في مجملها إلى تفعيل الإطار القانوني لمواجهة الجريمة بوجه عام، والجريمة العابرة للحدود الوطنية بوجه خاص، وينسجم المفهوم المتقدم للتعاون الدولي أكثر مع ظاهرة غسل الأموال.
وتابع وهبي، أنه انطلاقا من كون حركة العائدات الجرمية وأنشطة غسل الأموال تجري في معظم الأحول داخل محيط دولي، أو عبر الحدود الوطنية، بحيث أن سبل المواجهة يجب أن تتم أيضا في المحيط الدولي، ومن خلال شبكة مكافحة متكاملة ومتناسقة من الترتيبات والتدابير، والمتابعات القضائية العالمية والإقليمية والثنائية والوطنية، التي تكفل قيام تعاون فعال ومتكافئ بين الدول المعنية، في مختلف مراحل البحث والتحقيق والمحاكمة، وتسليم المجرمين وتنفيذ الأحكام القضائية.
وخلص المسؤول الحكومي، إلى أن التعاون الدولي في مجال مكافحة جريمة غسل الأموال يتحقق من خلال الرقابة المتبادلة ما بين الدول على عمليات تحويل ونقل الأموال والأوراق المالية بين مختلف البلدان، والذي يتم بداية من خلال إرساء قوانين داخلية متلائمة مع المعايير الدولية المعتمدة في هذا المجال تسمح بذلك ليس فقط من حيث التجريم والعقاب بل حتى من خلال إرساء قواعد استثنائية كعدم الاعتداد بالسر المهني أو البنكي أمام الهيئات المتخصصة في الرقابة المالية أو البنكية.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...