قال زينب العدوي، رئيسة المجلس الأعلى للحسابات، على أن 43% من المكاتب الجماعية لحفظ الصحة لا تمارس الاختصاصات الأساسية المسندة إليها بمقتضى القانون، مقابل 41% منها تجد صعوبات في ممارسة معظم اختصاصاتها.
وحسب التقرير الخاص بأعمال المجلس الاعلى للحسابات خلال الفترة 2022/2023، الذي قدمته زينب العدوي اليوم الثلاثاء بالبرلمان، فإن المكاتب الجماعية لحفظ الصحة، تعد مرافق حيوية مهمة تحتاج إلى تعزيز قدراتها بما يضمن استعادة مكانتها داخل المنظومة الصحية الوطنية، وكذا الرفع من جودة خدماتها، حيث قالت على أن حفظ الصحة والنظافة وحماية البيئة ومحاربة عوامل انتشار الأمراض، تعتبر من أهم مجالات خدمات القرب التي تندرج ضمن الاختصاصات الموكلة للجماعات من خلال المكاتب الجماعية لحفظ الصحة وذلك بموجب القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات رقم 113.14.
وفي هذا الصدد، كشفت المتحدثة، على أن فترة مواجهة تفشي جائحة كوفيد 19، كانت كانت بمثابة مناسبة تم خلالها استحضار الأدوار الطلائعية لمكاتب حفظ الصحة والعاملين بها ومكانتهم داخل المنظومة الصحية الوطنية، إلا أن واقع الحال، يضيف تقرير المجلس، يظهر إستمرار جملة من الإكراهات التي تحد من أداء هذه المكاتب وجودة الخدمات التي تقدمها للمواطنين.
وأمام هذه الاكراهات، قالت زينب العدوي، على أن تدبير المكاتب الجماعية لحفظ الصحة، يحتاج إلى اعتماد نصوص تشريعية وتنظيمية لتحديد وتأطير بعض مجالات تدخلها، كمساطر حجز البضائع والحيوانات، وإجراء التحاليل المختبرية، وكذا لتأطير الوضعيات القانونية لمواردها البشرية، كالممرضين الجماعيين والأعوان المكلفين ببعض المهام الخطيرة، كاستعمال المبيدات والتدخل لمحاربة الحيوانات الضالة وكذا لتنظيم المداومة للأطر الطبية وشبه الطبية.
ولأجل تحسين التغطية المجالية لهذا المرفق الجماعي، أكدت العدوي على أنه تم وضع برنامج إحداث مجموعات الجماعات لبناء وتجهيز 76 مكتبا جماعيا لحفظ الصحة مشتركا بين الجماعات، وبشراكة مع وزارة الداخلية، وذلك لفائدة أزيد من 793 جماعة خلال الفترة الممتدة ما بين 2019 و2024، مشيرة إلى أنه ولحدود متى شهر شتنبر من سنة 2022، استفادت من هذا البرنامج 210 جماعة من الجماعات التي لم تكن تتوفر على مكتب لحفظ الصحة، مضيفة أن هذا البرنامج يهدف إلى تغطية هذا المرفق بنسبة 71% على الأقل من مجموع الجماعات.
وبالرغم من كون هذا البرنامج مكن من الرفع من هذه النسبة لتصل إلى حوالي 27%، إلا أنه حسب المجلس، يواجه صعوبات تنظيمية مرتبطة بضعف التنسيق بين الجماعات المعنية وبنقص الإمكانيات المتوفرة.
وبخصوص الإكراهات التي تحد من عمل المكاتب حفظ الصحة الجماعية، فقد حددتها زينب العدوي في ضعف اهتمام المجالس التداولية للجماعات بمجالات الوقاية وحفظ الصحة، سواء على مستوى المخططات وبرامج العمل الموضوعة من قبلها، حيث أكدت على أن نسبة المشاريع المرتبطة بهذه المجالات، لم تتجاوز نسبة 5% من مجموع مشاريع البرامج المذكورة، أو على مستوى المواضيع المدرجة في جداول أعمال دورات المجالس التداولية.
إضافة إلى ذلك، تضيف العدوي، أن ضعف آليات المساءلة والمراقبة داخل الجماعات المعنية، لا يساعد على الرفع من أداء هذه المكاتب الجماعية، حيث لا يتم في الغالب تتبع وتقييم أدائها خصوصا في ظل عدم تبني جزء كبير منها تحدث في (69%) لبرامج تدخل، واقتصار التقارير التي تنجزها معظم تلك المكاتب على احصائيات دورية وجزئية لا تعكس بشكل ملائم حقيقة أدائها، ولا تمكن من تتبعه ولا تقييمه.
كما سجلت المسؤولة، أن ضعف الإمكانيات المادية المرصودة للمكاتب الجماعية لحفظ الصحة، يعد عاملا أساسيا يؤثر بشكل سلبي على مستوى أدائها، إذ لا تتجاوز حصة نفاقات الجماعات في مجال الوقاية وحفظ الصحة نسبه 1% من مجموع نفقات تسييرها السنوية، مشيرة إلى أن المرافق والتجهيزات الأساسية ووسائل العمل المتاحة لها، تبقى محدودة، مقارنه مع تعدد وأهميه المهام المسندة إليها، حيث أن 15% منها يتوفر على مستودع للأموات، و7٪ منها تتوفر على محجز للحيوانات، و4% على مختبر تحاليل، بينما لا يتوفر 51% منها على مستودع للادوية و 63% على قاعة للفحوصات، و 71% على محجز للمعدات.
وأمام هذا الوضع، شددت رئيسة المجلس الأعلى للحسابات على ضرورة إرساء وسائل العمل وأدوات الإدارة الحديثة لتحسين أداء المكاتب ورقمنتها، وتيسير تواصلها مع المرتفقين، خصوصا أن نسبة المكاتب الجماعية لحفظ الصحة التي تتوفر على موقع الكتروني أو رقم اخضر لا تتجاوز على التوالي 12% و6%.
ومن جهة ثانية، اعتبر المجلس
الأعلى للحسابات، أن محدودية الموارد البشرية المختصة وعدم تأهيلها ونقص تحفيزها، يعد عوامل أساسية مؤثرة على اداء هذه المكاتب، حيث أكد المجلس على أنه تبين بهذا الخصوص أن عدد الأطر الطبية وشبه الطبيه العاملة بها لا يتجاوز 319 اطارا، أي ما يمثل حوالي 24% من مجموع موظفيها؛ وأن نسبة الموارد البشرية العاملة بالمجال الصحي والوقائي بالجماعات التي استفادت من دورات التكوين المستمر خلال الفترة 2017 و 2021 لم تتجاوز 5%.
كما رصد المجلس، أنه لا يتم تمكين العاملين بمكاتب حفظ الصحة، خاصة الأطر شبه الطبية من جميع التعويضات والامتيازات التي يستفيد منها نظراءهم العاملون بالإدارات العمومية الأخرى، لاسيما التعويضات عن المخاطر المهنية وتعويض عدد الساعات الإضافية، مشيرا إلى أن صعوبة حركة الأطر الطبية وشبه الطبية بين الجماعات، يحد من إمكانية استقطابها للعمل في هذا المرفق الجماعي العمومي، ونتيجة لذلك تعرف نسبه مهمة من مشاريع بناء وتجهيز المكاتب الجماعية لحفظ الصحة تعثرات، سواء على مستوى مرحلة الإنجاز أو خلال مرحلة الاستغلال، وهو ما يحول دون تحقيق الأهداف المرجوة من برمجتها.
وفي هذا السياق، أورد المجلس، أنه من أصل 32 مكتبا جماعيا تم الانتهاء من اشغال بنائه، بلغ عدد غير المستغل منها 14 مكتبا اما تلك المستغلة جزئيا فقد بلغ عددها 9 مكاتب فقط.
وتأسيسا على ما سبق ولاجل تجاوز مكامن القصور المشار إليها سالفا، ومن أجل خلق بيئة تساعد على تحقيق فعالية أكبر في أداء المكاتب الجماعية لحفظ الصحة والرفع من جودة الخدمات المقدمة للمواطن؛ أوصى المجلس الأعلى للحسابات وزارة الداخلية، ومن خلالها الجماعات، بوضع إطار تشريعي وتنظيمي واضح ومتكامل ومحين، ينظم هذه المكاتب وتدخلاتها ويوضح علاقتها مع باقي المتدخلين.
كما حث المجلس على ضرورة مواصلة المجهودات من أجل توفير تغطية ترابية ملائمة لخدمات المرفق العام للوقاية وحفظ الصحة، وفقا مقاربة القرب والفعالية، وفي هذا الصدد، شدد المجلس أيضا على ضرورة توفير الموارد البشرية المختصة والكافية والمؤهلة لأداء مختلف المهام المسندة لمكاتب حفظ الصحة وتجهيزها وتحفيزها بشكل ملائم، وكذا توفير الوسائل الماديه واللوجستية الضرورية لعمل هذه المكاتب، ولتواصلها مع المرتفقين.
هذا، وقد شدد المجلس أيضا على ضرورة تتبع وتقييم أداء هذا المرفق العمومي بناء على برامج عمل واضحة ومحددة الأهداف والمؤشرات، أخذا بعين الاعتبار الوسائل الموضوعة رهن اشارتها، وكذا الحرص على التخطيط لإنجاز مشاريع بناء وتجهيز هذه المكاتب لتجاوز التعثرات التي تحول دون استغلالها أو بلوغ الاهداف المحدثة لها، مع تقييم تجربة إحداث مجموعة الجماعات لبناء وتجهيز المكاتب المذكورة.