كشف حسن مهنة مهندس وخبير، ومستشار في التنمية المستدامة، أن خطاب صاحب الجلالة بمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين لتربعه على عرش أسلافه الميامين، يظهر مدى اهتمام جلالته بإشكالية الماء وما تقتضيه المرحلة من حزم ومسؤولية وصراحة من أجل ابتكار الحلول تفاديا للتبدير، من جهة، وقصد تعبئة منظوماتية للمياه السطحية من خلال نقل المياه بشكل تضامني بين الأحواض المائية التي تعرف فائضا من الذهب الأزرق و الأحواض الأخرى المحتاجة لهذه المادة الحيوية، من جهة ثانية.
وأوضح مهنة في تصريح لموقع “الأنباء تيفي”، أن هذا الخطاب يحمل المزيد من التوجيهات السامية تذكيرا وتكميلا لما جاء في الخطاب الملكي السامي بتاريخ 2022، حيث دعا صاحب الجلالة إلى “التحلي بالصراحة والمسؤولية في التعامل” مع الموارد المائية، مضيفا أنه نظرا لما يعرفه المغرب من تفاقم وضعية الجفاف وارتفاع الحرارة بشكل غير مسبوق وندرة مياه الشرب والسقي، وانطلاقا من سياسة الحكومة في الماء الحالية، يبدو أن الأمر يقتضي سن سياسة هيدروفلاحية مندمجة تأخذ بعين الاعتبار واقع الأحواض المائية من خلال قراءة سريعة للمؤهلات والإكراهات التي تميزها، ويجب الربط بين عاملي الماء والفلاحة عوض التعامل معهما ومعالجتهما بشكل فردي، وذلك على صعيد ترابي يخص كل حوض مائي جزئي وليس المدارات السقوية فقط، فضلا عن إنجاز دراسة مستعجلة ودائمة للمغروسات الاستراتيجية للبلاد وإعداد برنامج وطني لإنقاذ ما تبقى من الموروث الطبيعي من أشجار الزيتون، على الخصوص، بالنظر لما لهذه الشجرة من مميزات دينية وغذائية واقتصادية واجتماعية، كما هو الشأن كذلك للمنظومات الغابوية المستوطنة من أركان وأشحار البلوط والأرز.
وانطلاقا من هذا الخطاب، شدد حسن مهنة، على ضرورة إعادة النظر في في بعض المزروعات “المستنزفة” للمياه والغير استراتيجية للبلاد، وذلك بتعويضها بمزروعات كلئية بغية إنقاذ المواشي من الانقراض وتوفير اللحوم اللازمة للسوق الوطني ضمانا لغذاء آمن بدل تشجيع تصدير بعض المزروعات التي أصبحت دخيلة على النسيج الفلاحي الاقتصادي للمغرب، خاصة تلك المزروعات التي أقيمت فوق أراضي الدولة وأراضي الجموع، علاوة على سن سياسة فلاحية تنسجم مع الاستدامة وذلك ببنائها على المنظومات الإنتاجية المحلية systèmes de production locaux عوض السلاسل، من أجل فلاحة تتكامل بين مكوناتها وتراعي تربية المواشي لدى مختلف أصناف الفلاحين/ الكسابة.
كما شدد مهنة، على ضرورة الرفع من الموارد المائية بسن سياسة تقوم على تعميم معالجة المياه المستعملة وإعادة استعمالها خاصة على صعيد الأحواض المائية التي تشكو من ندرة مياه المطر وتساقط الثلوج كحوض أم الربيع وسوس ماسة وجهة درعة تافيلالت، وجعلها كعنصر أساسي في إنجاز وإعداد تصاميم التهيئة والتعمير، ومعالجة مشروع تعميم السقي بالتنقيط بطرق بديلة حكيمة تتطلب المعالجة المجالية الشمولية بدل استقبال طلبات الفلاحة والسقي بشكل فردي على المصالح المعنية إدماج المناطق السقوية بواسطة منابع المياه وابتكار حلول جماغية للسقي بالتنقيط بإشراك ملاكي المياه، ثم تموين وتأهيل الفلاحين وأبنائهم والمهنيين المرتبطة تخصصاتهم بالفلاحة ومواكبتهم في مجال المكننة واستعمال الطاقات المتجددة والاستعمالات المائية النظيفة.
ودعا حسن مهنة، إلى إعادة النظر في اختيار أصناف التشجير الغابوي والفلاحي بشكل يأخذ بعين الاعتبار بالخصوصيات المناخية الحالية والمستقبلية، وحماية المناطق الرطبة كموروث طبيعي وطني استراتيجي تنعم به البلاد خدمة لرعايا صاحب الجلالة، وإعداد برنامج وطني لإنقاذ الحياة البرية التي تضررت بتراجع مواطنها خاصة بشح مياه الشرب بمختلف النقط التقليدية، وذلك بتتبع مقاربة تشغيل في العالم القروي وتحسيس الساكنة بأهمية هذه المشاريع، علاوة على دراسة ومواكبة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية لمختلف المشاريع أعلاه كتعميم للتجاريب التي نجحت فيها هذه المبادرة وطنيا.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...