أكد محمد بودن، الخبير في القضايا الدولية المعاصرة، أن قرار محكمة العدل الأوروبية بخصوص اتفاقيتي الفلاحة والصيد البحري الموقعين في سنة 2019 لم يقدم أي مساهمة قانونية في الفقه القانوني الدولي بشأن ملف الصحراء المغربية، بل أفرط، يقول بودن في إدراج بعض المفاهيم المشحونة سياسيا في متن القرار. وهذا كان أول مؤشر على ميل صريح في عناصر توازن القرار الصادر في الرابع من أكتوبر 2024 الذي يتضح بأنه لم يكن في مأمن عن التأثيرات السياسية ومس بسيادة بلد شريك للاتحاد الأوروبي. وأضاف في تصريح أدلى به لموقع “الأنباء تيفي” أن القرار استند إلى تأويل ضيق ووقائع مصطنعة، مما خالف روح ميثاق الأمم المتحدة واتفاقية فيينا لقانون المعاهدات، متجاهلًا مواد تفرض الالتزام بالعقد وتنفيذ المعاهدات وفقًا للقانون الدولي، وليس الأوروبي الداخلي.
وأشار الخبير في القضايا الدولية المعاصرة، إلى أن المحكمة اعتمدت على وقائع تقع خارج نطاق القانون الأوروبي، حيث تتولى الأمم المتحدة ومجلس الأمن ولاية حصرية بشأن القضية، مما جعل المحكمة تتجاوز اختصاصاتها. وأضاف المتحدث أن قرارات المحكمة الأخيرة أثارت الجدل في الاتحاد الأوروبي، مثل رفض بولندا وهنغاريا لها.
وأوضح بودن أن القرار يتضمن عبارات سياسية بعيدة عن الولاية القضائية للمحكمة، مشيرًا إلى أن المحكمة جازفت بالاعتماد على سردية وهمية بشأن “شعب الصحراء الغربية”، مضيفا أن المحكمة تجاهلت انعكاسات التنمية في الصحراء المغربية والاستقرار في المنطقة، مما جعل القرار يفتقر للتمحيص القضائي اللازم.
وأضاف الخبير ذاته أن القرار ابتعد عن الواقعية والتناسب، مشيرًا إلى السياق الذي صدر فيه وتوقيت إعداده، في وقت يستعد فيه المغرب لتأكيد حقوقه الجوية والبحرية في صحرائه، ومع قرب صدور قرار أممي جديد بشأن الملف. ودعا بودن المحكمة الى الالتزام بمبادئ بانغلور الأممية للسلوك القضائي، محذرًا من إدخال المحكمة نفسها في النزاعات السياسية، حيث اعتبر القرار ستارًا دخانيًا لحجب الحقوق التاريخية للمغرب.
وأكد بودن أن قرار محكمة العدل الأوروبية يشكل تناقضات واضحة تؤثر على الثقة والاستقرار في العلاقات بين المغرب والاتحاد الأوروبي.
وأشار الخبير ذاته إلى أن العلاقات الثنائية بين المغرب وعدد من الدول الأوروبية تشهد مرحلة جديدة من الثقة والشراكة. ودعا بودن الاتحاد الأوروبي للعمل على إزالة المخاطر عن بعض القضايا الحساسة في علاقاته مع المغرب، معتبرًا أن الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى نهج موحد ومنسق للتعامل مع المملكة. وأكد الخبير في القضايا الدولية المعاصرة، على ضرورة وجود استراتيجية أوروبية متماسكة وواضحة تراعي مصالح المغرب ومسارات العمل المشترك.
وأشار بودن إلى أن العلاقات المغربية-الأوروبية ينبغي أن تحصن مصادر الزخم والاحترام المتبادل، مؤكداً أن هذه العلاقات تحتاج إلى تقدير كافٍ من طرف مختلف المؤسسات الأوروبية، لتجنب فرض تحديات على ملفات التعاون بين الجانبين.
وأوضح المتحدث أن الاتجاه الأفضل للعلاقات المغربية-الأوروبية هو تقليل الفرص الضائعة، مما يتطلب شراكة تتغلب على التحديات وتذيب التباين في الآراء لتكون شراكة بمضمون عملي.
وختم بودن بالتأكيد على أن الصحراء المغربية هي المعيار الذي يقيس به المغرب صدق الصداقات ونجاعة الشراكات، موضحا أن المغرب ملتزم بتنويع شراكاته بناءً على هذا المبدأ، مؤكداً أن أي شريك لا يحترم سيادة المغرب على صحرائه لن يكون قادرًا على المنافسة في السوق المغربية الغنية بالفرص.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...