إيّاك والحكم على الناس من مظاهرهم، فأنت لا تدري متى تحتاج لعونهم، حقيقة اننا في الكثير من الأحيان وبدون شعور وضبابية في الرؤية المستقبلية قد لا نعي بالمقولة الشهيرة بأنَ دوامَ الحالِ مِن المُحال، فنغتر بكثرة مالنا أو حسن جمالنا أو قوَة سلطتنا، فنغالي في تقييم انفسنا، وتَثمينِ فَضائلها، مُختزلين محاسنَ غيرنا ومستصغر ينها في الكثير من الأحيان الا من رحم الله منا، مما يجعلنا نرى الشخص الواقف على اسفل الجبل ذا حجم صغير جدا معتقدين أنه يرانا كبار الحجم بسبب وقوفنا في قمة الجبل ولكن العكس صحيح فإنه يرانا كذلك صغار الحجم. وكعادة مقالاتنا أحببت مشاركتكم قصة وحكاية طريفة ربما قد تعطينا العبرة والحكمة التي تقودنا لتقليل معدل الغرور الزائد الذي بداخلنا، حيث يحكى أنّه في أحد الأيام عاشت وردة جميلة في وسط صحراء قاحلة. كانت الوردة فخورة بنفسها كثيرًا ومغترّة بجمالها ومنظرها ورائحتها، لكنّ كان أمرًا وحيدًا يزعجها، ألا وهو وجود نبتة الصبار قبيحة الشكل والمنظر بجانبها وهذا راجع للشوك والمنظر الخارجي الذي تتمتع به، فكانت الوردة المغرورة بجمالها ورائحتها الزهية تشتم في كلّ يومٍ نبتة الصبّار وتعايرها بقبحها وبشاعة شكلها. في حين كانت نبتة الصبار مسكينة على الرغم من قساوة الاستهزاء والشتم والكلام الذي تتعرض له، تلتزم الصمت والهدوء، على الرغم من معرفتها بقدراتها الداخلية وما تتمتع به من خصال وفوائد عديدة نذكر منها مثلا: قدرتها على علاج داء السكري وارتفاع الكوليستيرول والسمنة والصداع ومقاومة بعض الفيروسات والالتهابات التي يتعرض له الاخرين وحتى المساعدة على تجميل الناس وحتى من تعتقد انها جميلة جدا فهي كذلك تحتاج اليها، فحاولت النباتات الأخرى المجاورة للوردة تقديم النصح لها وإعادتها إلى صوابها لكن بلا فائدة وجدوى. وهكذا حتّى حلّ الصيف واشتدّت الحرارة والجفاف. فبدأت الوردة تذبل وتجف أوراقها فأخدت تفقد جمالها وألوانها الزاهية ورائحتها العطرة. فنظرت إلى جارتها نبتة الصبّار بكل استنجاد وتوسل، تطلب منها أن تعطف عليها ببعض الماء لتروي عطشها وجمالها، فعلى الفور وبدون تردد وافقت نبتة الصبّار على مساعدة جارتها على الصمود والنجاة من هذا الحرّ والجفاف، ولما لا وهي التي دائما ما تساعد الاخرين مقابل حياتها ومنظرها على رغم من كل الانتقادات والالام والإهانات التي تتعرض لها. فحقيقة يجب الاعتراف بها، هو أننا جميعا ما نطرب لسماع كلمة تشجيع، ومدح وثناء أو أي طريقة أخرى كالهدايا، قد نكون نستحقها حقاً أو لا نكون، وقد يسمعنا اياها البعض لنرضى وقد يسمعنا اياها ربما شفقة علينا. لأنهم يروننا محتاجين لها لرفع معنوياتنا، وقد يسمعنا اياها اخرون لأننا فعلا نستحقها وجديرون بها، فيعتبرونها تشجيعا لنا لتقديم الأفضل، ولدب الحماس فينا، لنحاول اكثر فأكثر ونقدم الأفضل ما لدينا.كما أنه لا أحد يكره أن تكون كل هذه العبارات الجميلة موجهة له، أو ينكر الاثر الكبير الذي تتركه على نفسيته، فكل هذا على ما اعتقد هو محمود ولابأس به، ولكن الطامة والمشكلة الكبرى تكمن في مفعول تلك الكلمات وأثرها على دفعنا الى الغرور الزائد والتعالي والتكبر على الاخرين، خصوصا اذا ما تملك أنفسنا ، كما تملك نفس الوردة فتجدر في عروقها وجعلها تخلط بينه وبين الثقة بالنفس، فأخدت وبدون شعور تشتم وتهين وتتعالى على صديقتها نبتة الصبار غير مدركة أنها ربما في يوم من الأيام سوف تحتاج اليها لانقاد حياتها. فشتان إذن بين هذا وذاك إن اصابنا الغرور وتمكن منا، فلنحذر منه لأنه سيفقدنا الناس التي حولنا واحداً تلو الآخر، الاهل والاحباب والأصدقاء، فلا أحد منا داخليا يحب المغرور الا إذا كان مضطرا لذلك وخلال فترة معينة بسبب الاحتياج والخوف منه، فإيانا تم ايانا والغرور لأنه بمثابة الشيطان المخفي بداخلنا والذي قد يجعل الغرور حجابا بيننا وبين الكمال ومخدرا يسكن آلام الغباء والكبرياء لدينا ولعياد بالله.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...