على الرغم من أن الاستغلاليات الصغيرة والمتوسطة التي تقل مساحتها عن 5 هكتارات تمثل حوالي 70 في المائة من مجموع الاستغلاليات الفلاحية، فإن أدوارها وآثارها لا يتم تثمينها وتطويرها بالقدر الكافي ضمن استراتيجيات التنمية الفلاحية والقروية.
هذا ما خلص إليه المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، حيث أكد تزايد حدة التحديات التي تواجهها الفلاحة العائلية الصغيرة والمتوسطة، مؤكدا أنه أصبح تطورها وقدرتها على الصمود رهينين بجملة من العوامل منها التغيّرات المناخية، وارتفاع أسعار المدخلات، واضطراب سلاسل التوريد، بالإضافة إلى الطابع المجزأ للأراضي.
ووقف المجلس، في رأي له عرضه اليوم الأربعاء، على ضعف انتظامها في إطار هياكل منظمة يحد من فعاليتها. كما أن هذا النقص على مستوى التنظيم، إلى جانب الحجم المفرط للوسطاء، يؤدي إلى ممارسات المضاربة التي تلحق الضرر بصغار المنتجين، لا سيما عند تسويق فائض إنتاجهم.
توصيات المجلس
انطلاقا من هذا التشخيص، يؤكد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي على أهمية جعل الفلاحة العائلية الصغيرة والمتوسطة أولوية استراتيجية ضمن السياسات الفلاحية والقروية الوطنية، اعتباراً للوظائف الاقتصادية والاجتماعية والبيئية التي تضطلع بها، والتي يُمكن تطويرها بالرهان على هذا النمط الفلاحي.
وقال إن الطموح المنشود هو تحويل الفلاحة العائلية الصغيرة والمتوسطة إلى قطاع أكثر إنتاجية وإدماجا واستدامة، وذلك من خلال تعزيز اندماجها في سلاسل القيمة وقدرتها التفاوضية في الأسواق، ومساهمتها في استقرار الساكنة القروية وتحسين الدخل والحفاظ على النظم البيئية.
ولبلوغ هذه الغاية، يوصي المجلس بوضع خطة عمل خاصة بهذا النمط الفلاحي تأخذ في الاعتبار خصوصيات كل مجال ترابي. وينبغي أن تتضمن هذه الخطة إجراءات للدعم يتجاوز نطاقها الأنشطة الفلاحية لتشمل مواصلة تطوير البنيات التحتية الملائمة، وتنويع الأنشطة المدرة للدخل، وتحسين الولوج إلى الخدمات العمومية.
وتتوخى هذه التدابير المتكاملة تعزيز قدرة الفلاحة العائلية الصغيرة والمتوسطة على الصمود، بما يمكنها من الاضطلاع بوظائفها متعددة الأبعاد على أكمل وجه، مع ترسيخ استقرار ساكنة الوسط القروي التي تعيش أساسا من الفلاحة داخل مجالاتها الترابية.
تشجيع الفلاح الصغير
من هذا المنطلق، يقترح المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي جملة من الحلول لتشجيع الفلاحين العائليين الصغار والمتوسطين على اعتماد ممارسات فلاحية مستدامة، من قبيل تناوب المحاصيل والزرع المباشر والترشيد الأمثل للري وتنويع الزراعات
يوصي أيضا بالعمل حسب خصوصيات كل منطقة إيكولوجية فلاحية على تشجيع تطوير زراعات قادرة على الصمود وذات قيمة مضافة عالية ولا تستهلك كميات كبيرة من المياه من قبيل الزعفران، والأركان والكبار، والصبار، بالإضافة إلى النباتات العطرية والطبية، ومن شأن ذلك أن يُكمل الزراعات التقليدية مثل الحبوب القمح الشعير)، والخضروات والأشجار المثمرة، وكذا أنشطة تربية الماشية (الأغنام. الماعز ..)، وتربية النحل، وغير ذلك.
كما أكد على ضرورة تعزيز تحويل المنتجات، لا سيما ذات الأصل الحيواني المتأتية من الاستغلاليات العائلية الصغيرة والمتوسطة، وذلك من خلال تشجيع إنشاء وتطوير وحدات صناعية محلية صغيرة. وستتيح هذه الوحدات تثمين الإنتاج المحلي، وتعزيز مسارات التسويق القصيرة، وإنعاش الاقتصاد القروي
ودعا إلى إحداث وتهيئة فضاءات رعوية للقرب لفائدة الفلاحين العائليين الصغار والمتوسطين، مع الحرص على استغلالها وفق مبدأ التناوب، وذلك بما يكفل المحافظة على الموارد النباتية وتجنب الرعي الجائر.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...