يعيش البرلمان الإسباني على وقع نقاشات محتدمة بشأن مقترح قانون مثير للجدل، لأنه يحمل خلفية تاريخية وسياسية، تتعلق بمنح الجنسية الإسبانية للصحراويين المولودين إبان الحقبة الاستعمارية.
ويوجد في البرلمان الإسباني مبادرة دفع بها ائتلاف اليسار الراديكالي “سومار”، فجّرت انقسامات حادة داخل المشهد السياسي، خاصة بعد أن دعا الحزب الاشتراكي العمالي الإسباني (PSOE)، بقيادة رئيس الحكومة بيدرو سانشيز، إلى رفض اعتماد الوثائق الصادرة عن جبهة البوليساريو ضمن ملفات طلبات التجنيس، ما عُدّ من قبل مراقبين رسالة واضحة بعدم الاعتراف العملي بالجبهة الانفصالية كمصدر شرعي للتوثيق.
ورغم أن النص حظي بقبول مبدئي للنقاش داخل البرلمان منذ 25 فبراير الماضي، إلا أن الحزب الاشتراكي الذي يشكّل العمود الفقري للحكومة ظل متحفظاً، بل وصوّت ضد نسخة مشابهة للمقترح قُدمت في 2022 من طرف نواب “يونيداس بوديموس”.
وبحسب الصحافة الاسبانية، فإن الاشتراكيين يخشون من أن يفتح المقترح بابا سياسيا وقانونيا قد يُحرج مدريد أمام الرباط، في ظرفية تطبَعها محاولات ترميم العلاقات الثنائية.
اللافت في المسار التشريعي للمقترح هو طابعه السياسي بامتياز، إذ أعيد طرحه في فبراير 2023 كرد فعل على استبعاد وزراء “سومار” من الاجتماع رفيع المستوى بين المغرب وإسبانيا بالرباط.
غير أن الاستحقاقات التشريعية المبكرة في يوليوز من نفس العام جمّدت المشروع مؤقتاً، قبل أن تعيده إلى الواجهة النائبة ذات الأصول الصحراوية تيش سيدي، في خطوة وُصفت بأنها تعبّر عن محاولة لتثبيت اعتراف تاريخي بهوية فئة من الصحراويين ظلّوا عالقين في المنطقة الرمادية بين الانتماء القانوني والسياسي.
وفي حين تتمسك “سومار” بموقفها الداعي إلى اعتماد كافة الوثائق التي تُصدرها جبهة البوليساريو – شرط أن تُصادق عليها تمثيلياتها بإسبانيا – يرى الاشتراكيون أن مثل هذا الاعتراف قد يخلط الأوراق الدبلوماسية، في وقت تحاول فيه الحكومة الحفاظ على توازن دقيق في علاقاتها مع المغرب، شريكها الحيوي جنوب المتوسط.
خلفية تاريخية
بحسب أكثر من مصدر تاريخي، يستند مقترح منح الجنسية للصحراويين إلى واقع تاريخي معقّد تعود جذوره إلى المرحلة التي كانت فيها الصحراء المغربية مستعمرة إسبانية حتى العام 1975.
في تلك الفترة، اعتُبر الصحراويون خاضعين للسيادة الإسبانية، وكان بإمكان بعضهم الحصول على وثائق مدنية وعسكرية إسبانية، بل وحتى التجنيد في القوات المسلحة الإسبانية.
غير أن انسحاب إسبانيا من الإقليم في إطار اتفاق مدريد الثلاثي، إلى فراغ قانوني في وضعية هؤلاء السكان.
ورغم أن القانون الإسباني يمنح تسهيلات خاصة لرعايا المستعمرات السابقة (كأمريكا اللاتينية وغينيا الاستوائية والفلبين) في مساطر الحصول على الجنسية، فإن الصحراويين لم يُدرجوا بوضوح ضمن هذه الفئة.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...