في أعقاب الدراسة الميدانية التي أنجزها حول برنامج الدعم الاجتماعي المباشر خلال الفصل الأول من تنفيذه، قدّم المرصد الوطني للتنمية البشرية جملة من التوصيات الاستراتيجية الهادفة إلى تحسين فعالية البرنامج، وتعزيز أثره على التنمية البشرية، وضمان ديمومته واستجابته لتطلعات الأسر المغربية.
وتندرج هذه التوصيات في سياق التقييم الشامل الذي أجرته المؤسسة، والذي كشف عن مستويات عالية من رضا المستفيدين، لكن أيضا عن تحديات بنيوية وتقنية تستدعي المعالجة لتجويد الأداء وتحقيق الأثر المستدام.
وأوصى المرصد بتطوير آلية للمساعدة الاجتماعية للقرب، تركز على تعزيز التواصل المباشر مع المواطنين، خاصة في المناطق النائية والبعيدة.
ويهدف هذا التوجه إلى تجاوز الحواجز الجغرافية والتقنية التي تحول دون اطلاع الأسر الفقيرة على شروط البرنامج أو الاستفادة الفعالة منه.
كما دعا المرصد إلى إشراك الامتدادات المحلية من سلطات ترابية وجمعيات، لمواكبة الأسر في مختلف مراحل الاستفادة من البرنامج، انطلاقًا من التسجيل إلى التتبع.
ضمن الرؤية التشاركية، شدد التقرير على أهمية تعزيز الدور المدني، عبر تمكين الجمعيات المحلية من ابتكار آليات مساعدة على الولوج الرقمي، خاصة بالنسبة للفئات التي تعاني من ضعف في الثقافة الرقمية أو البنية التحتية.
هذا المقترح يعكس قناعة المرصد بأن الرقمنة لا يجب أن تتحول إلى حاجز أمام العدالة الاجتماعية، بل ينبغي أن تكون مدخلا لتعزيزها عبر تبسيط الإجراءات وتمكين الجميع من الاستفادة.
وأوصى المرصد بإطلاق برامج للتمكين الاقتصادي وتنمية القدرات، تُمكّن المستفيدين من الخروج التدريجي من وضعية الهشاشة، وتحقيق الاعتماد على الذات.
ويُعد هذا التوجه استراتيجيا في إطار الربط بين الدعم الاجتماعي الآني والتنمية البشرية المستدامة، حيث يتم الانتقال من منطق المعونة إلى منطق الاستثمار في الإنسان.
واقترح المرصد تطوير إطار موحد لملاءمة برنامج الدعم الاجتماعي المباشر مع البرامج الأخرى، مثل “AMO – تضامن”، وذلك بهدف تفادي التداخل وضمان تغطية متوازنة وفعالة.
وتمثل هذه التوصية دعوة لتعزيز التنسيق المؤسساتي والمالي داخل ورش الدولة الاجتماعية، بما يكفل عدالة التوزيع وسرعة التدخل.
وأبرز التقرير ضرورة تطوير آليات مرنة لتحيين أهلية المستفيدين بشكل فوري، بناء على التغيرات التي تطرأ على وضعياتهم المعيشية، سواء في حالة تحسن أو تدهور.
وتعكس هذه التوصية التزامًا بمبدأ العدالة الديناميكية، التي تراعي التغيرات الواقعية وتحول دون استفادة غير المستحقين أو إقصاء المحتاجين.
كما أوصى المرصد بإحداث منظومة وطنية مستقلة لتتبع وتقييم البرنامج، بهدف ضمان شفافية الإنجاز وفعالية الأثر، مع تعزيز البحوث التطبيقية المتعلقة بتقييم مردودية الدعم الاجتماعي على الصعيدين الفردي والمجتمعي.
وتُعد هذه التوصية خطوة محورية نحو بناء ثقافة التقييم المستندة إلى الأدلة في السياسات الاجتماعية.
ودعا المرصد إلى تعزيز المشاركة المواطنة ضمن آليات الحكامة الترابية للبرنامج، عبر تمكين المواطنين من التعبير عن آرائهم، وتتبع سير تنفيذ الخدمات، والمساهمة في اقتراح التحسينات.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...
body.postid-1152232