أصدر مجلس المنافسة تقريرا يرصد من خلاله تركيبة سوق التوزيع العصري بالمغرب، كاشفا عن مؤشرات مقلقة تؤكد تمركزا مفرطا في يد فاعلين كبار، وتفاوتا جغرافيا في الولوج إلى الخدمات التجارية الحديثة، وهو ما يعمق الفوارق المجالية ويضعف التنافسية الاقتصادية الوطنية.
66% من السوق في يد شركتين فقط
أوضح التقرير، أن السوق يتكون فعليا من 12 علامة تجارية موزعة على 6 شركات كبرى، لكن الواقع يُظهر هيمنة ثنائية واضحة تستحوذان معا على ما بين %60 و%70 من الحصة السوقية لسنة 2024، وهو ما يعكس ما يسمى اقتصاديا بـ”احتكار القلة”.
أما الشركات الأخرى فتتقاسم النسبة المتبقية، بنسب متفاوتة لا تتعدى في مجموعها 40%.
فاعلون جدد دون وزن يُذكر
وشهد السوق، حضور وافدين جديدين لم يتمكنا من فرض وجود يُذكر، إذ لم تتجاوز حصتهما المشتركة سقف %5 من السوق بين 2021 و2023.
وخلص التقرير إلى أن ضعف الاستثمار والتغطية الجغرافية حال دون بلوغ “الحجم الحرج” اللازم لمنافسة الشركات المهيمنة.
الرباط والدار البيضاء تبتلعان نصف السوق
أما من حيث التوزيع الجغرافي، فقد كشف المجلس عن تمركز 46% من نقاط البيع و50% من المساحة الإجمالية للتوزيع العصري في مدينتي الرباط والدار البيضاء فقط، بفضل الكثافة السكانية وتوفر البنيات التحتية من طرق سريعة، موانئ، ومناطق صناعية.
لكن هذا التمركز – وفق التقرير – يخلق فوارق حادة في الولوج إلى التجارة العصرية، حيث لا تزال المناطق الهامشية والقروية تعتمد على تجارة تقليدية ضعيفة التهيئة.
انعكاسات سلبية على المستهلك والمورد
الهيمنة التي يتمتع بها الفاعلون الكبار تنعكس على قدرة المستهلك على الوصول إلى أسعار تنافسية، كما تحدّ من خيارات العرض وتنمي الفجوة بين مختلف الشرائح الاجتماعية.
كما أن الموردين الصغار يواجهون صعوبات في ولوج هذه السلاسل التجارية الكبرى، سواء بسبب شروط الأداء، أو التفضيل المُمنهج للعلامات الكبرى، ما يخلق اختلالًا في سلاسل القيمة.
ورغم خطورة المعطيات، أشار التقرير إلى أن وضع المغرب لا يختلف كثيرا عن بعض الدول المقارنة.
ففي فرنسا، تتقاسم 9 شركات 85% من رقم المعاملات، و7 شركات تسيطر على 60% في إسبانيا، فيما هيمنت 3 شركات على 100% من السوق التونسية إلى حدود 2014، قبل دخول نموذج التخفيض الكبير “Aziza”.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...