كشف عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، عن إعداد وزارته لمشروع متكامل لمراجعة القانون الجنائي، سيتم إحالته على المسطرة التشريعية في أقرب الآجال، بهدف تحديث المنظومة العقابية برمتها، بما يشمل العقوبات الإضافية، خصوصا تلك التي قد تمس حقوق أشخاص لا صلة لهم بالفعل الجرمي.
وأوضح وزير العدل، في جواب كتابي على سؤال للنائبة البرلمانية عن الفريق الحركي فاطمة ياسين، أن الوزارة تولي عناية خاصة لمراجعة العقوبات الإضافية المنصوص عليها في الفصلين 36 و41 من مجموعة القانون الجنائي، ولا سيما ما يتعلق بحرمان المحكوم عليهم من الحق في المعاش، بالنظر لما قد يترتب عن ذلك من آثار اجتماعية واقتصادية تطال الأسر وذوي الحقوق.
وسجل وهبي، أن العقوبات التبعية، ومن ضمنها الحرمان من بعض الحقوق الوطنية أو المدنية أو العائلية، تهدف أساسا إلى تحقيق الردع العام والخاص، غير أن التطبيق العملي لها أفرز، في بعض الحالات، تداعيات اجتماعية تتجاوز شخص المحكوم عليه، مما يستدعي اعتماد مقاربة متأنية تراعي مبدأ التناسب وشخصية العقوبة.
وأشار المسؤول الحكومي إلى أن الفقه الجنائي الحديث يؤكد ضرورة ملاءمة العقوبة لخطورة الفعل المرتكب وشخصية مرتكبه، دون أن تمتد آثارها إلى الغير، انسجاما مع الفصل 23 من الدستور الذي ينص على عدم تطبيق العقوبة إلا على الشخص المدان، ومع الفصلين 31 و35 المتعلقين بصون الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وتحقيق العدالة الاجتماعية.
وشدد وزير العدل على أن الالتزامات الدولية التي صادق عليها المغرب، لاسيما العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، تكرس بدورها مبدأ حماية الحياة الأسرية وضمان العيش الكريم لأفراد الأسرة، باعتبارها ركيزة للاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.
وفي هذا السياق، استحضر وهبي جملة من التوجهات الرامية إلى إغناء النقاش المؤسساتي، من بينها تدقيق حالات تطبيق الحرمان من المعاش عندما يرتبط الفعل الإجرامي بإضرار مباشر بالمال العام أو بالوظيفة العمومية، إلى جانب صون الحقوق الاجتماعية لذوي الحقوق والأبناء في إطار الضوابط القانونية، حفاظاً على التماسك الأسري.
كما أبرز أهمية تحيين النصوص القانونية ذات الصلة بما يضمن انسجامها مع المقتضيات الدستورية والالتزامات الدولية، والاستفادة من التجارب المقارنة التي اتجهت إلى الحد من الآثار الاجتماعية للعقوبات ذات الطابع المالي أو الإداري.
وأكد وزير العدل، في ختام جوابه، أن هذا التوجه يندرج ضمن المقاربة الإصلاحية الشاملة التي تعتمدها المملكة لتحديث السياسة الجنائية، وتعزيز العدالة الاجتماعية، وتحقيق التوازن داخل المنظومة العقابية، مع احترام الحقوق والحريات الأساسية للأفراد.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...
body.postid-1152232