نوفل البعمري
قدم الأمين العام للأمم المتحدة إحاطته الدورية حول الحالة في الصحراء الغربية المغربية لمجلس الأمن رسميا يوم الخميس 9 أبريل، وهو التقرير الذي جاء بناء على توصية قرار مجلس الأمن السابق الصادر في 30 أكتوبر، إذ أوصى بضرورة تقديم الأمين العام كل ستة أشهر إحاطته حول تطور الملف ميدانيا وسياسيا لمراقبة الأمر. وهذه السنة تميزت الإحاطة بمعطى وجود فيروس كورونا، لذلك تم تقديمها بتقنية عن بعد، وكذلك المناقشة، كما تميزت بغياب المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة حول الصحراء الغربية المغربية الذي لم يتم تعيينه للآن بفعل عرقلة الجزائر لأي تعيين جديد، لأن ذلك يعني استكمال المسلسل السياسي الذي انطلق مع الموائد المستديرة التي انعقدت ممثلة في جنيف 1 وجنيف 2؛ وهي الموائد التي حددت طبيعتها بكونها رباعية ووضعت النظام الجزائري أمام مسؤوليته تجاه الملف والنزاع السياسي، خاصة من الجانب المتعلق باستدامة النزاع المفتعل من طرفه، وهو ما يفسر رد فعله بعد صدور الإحاطة. أضف إلى ذلك رفض الأمم المتحدة مقترح تعيين لمطامرة كمبعوث شخصي بليبيا ليقين مجلس الأمن بكون الجزائر كان لها دور كبير في محاولة إحباط التوصل لحل النزاع المسلح الليبي تحت أرضية اتفاق الصخيرات، ما يؤكد أنها طرف في كل الفوضى التي دخلتها ليبيا.
إحاطة الأمين العام للأمم المتحدة حول الصحراء الغربية المغربية لهذه السنة تأتي قبيل تقديمه تقريره حول الصحراء، وقبيل إعداد واستصدار قرار حول الصحراء من طرف مجلس الأمن؛ وهنا تكمن أهميته كوثيقة مرجعية أممية تعكس الرؤية التي ستؤطر كل المحطات المقبلة المشار إليها سابقا، وهي رؤية تزكي ما يلي: – شرعية الاستثمارات المغربية في الصحراء، والمبادلات التجارية التي تكون الصحراء الغربية المغربية معنية بها، خاصة الاتفاقيات التجارية الدولية، سواء كانت فلاحية أو بحرية؛ وهي شرعية جاءت متوافقة مع القانون الدولي باعتبار المغرب صاحب السيادة الإدارية والسياسية على الإقليم؛ وعليه يكون مؤهلا لتدبير ثروته الطبيعية، خاصة أن الساكنة ستكون المستفيدة منها ومن عائداتها. – شرعية افتتاح القنصليات الأجنبية بالإقليم في مدينتي العيون والداخلة، اللتين تحولتا إلى قبلة لمجموعة من الدول التي افتتحت أو ستفتتح بعثتها الدبلوماسية في المنطقة؛ وهي شرعية استندت إلى القانون الدولي وعلى سيادية قرارات الدول التي تربطها علاقات ثقة بالمغرب، توجت بفتح بعثاتها الدبلوماسية في الإقليم، في إطار تعزيز الدبلوماسية السياسية التي تمتد بهدوء، وبرؤية سياسية واضحة، ليس إلى وضع العالم والمنطقة تحت الأمر الواقع، بل تأكيدا على العلاقة التاريخية سياسيا واقتصاديا التي تربط المنطقة بالمغرب، وهي علاقة ظلت تتعزز سنة بعد أخرى رغم كل المحاولات التي تم القيام بها للتشويش عليها؛ مع التأكيد أن افتتاح القنصليات في الصحراء عرف إجماعا لمختلف القوى والساكنة الصحراوية، إذ لم يسجل أي احتجاج على افتتاحها، بل اعتبرتها الساكنة مناسبة لتعزيز حضورها الدولي، سياسيا وثقافيا، وساندت المبادرة. – الإحاطة أكدت على الرؤية السياسية لحل النزاع المفتعل حول الصحراء الغربية المغربية؛ وهي رؤية تعتمد على منهج المائدة المستديرة الرباعية، التي تعتبر الجزائر فيها هي المخاطب أمام الأمم المتحدة، معنية بالحل السياسي، كما تعتمد على معايير سياسية واضحة تجد سندها في قرارات مجلس الأمن السابقة التي أكدت على ضرورة الوصول إلى حل سياسي، عاجل، متوافق بشأنه، تحت قاعدة المعايير والروح الجديدتين، وهي الروح التي يجسدها الحكم الذاتي كحل ديمقراطي، عادل، ومستدام. – الإحاطة أكدت على أهمية تعيين مبعوث جديد للصحراء.. بالنسبة للمغرب إن كان معنيا بالحل فهو أيضا معني بتسمية أي اسم جديد ليس بشكل شخصي، بل بالحرص الأممي على ضرورة تعيين مبعوث جديد مستوعب لكل التراكم الإيجابي الذي تحقق، مستعد للانخراط في الدينامية التي حدثت منذ جنيف واحد وجنيف اثنان، وفقا وعملا بقرارات مجلس الأمن، وهو أكثر ما يهم اليوم، إذ لا يمكن تسمية أي مبعوث لا يكون قادرا على تحفيز كل التطور الذي حصل وجعل الملف يتجه نحو الحل بشكل يؤدي إلى إنهائه وفقا لقرارات مجلس الأمن ورؤيته السياسية. – لذلك فإحاطة هذه السنة سيكون لها ما بعدها على مستوى تعزيز رؤية الأمم المتحدة عموما، ومجلس الأمن خصوصا، وهي رؤية أصبحت اليوم تتطابق بشكل كلي وكبير مع الرؤية التي طرحها المغرب لحل النزاع أمميا؛ وإن كان على المستوى الداخلي، خاصة في المنطقة، يعتبر الملف قد تم حله يوم حققت مبادرة الحكم الذاتي الإجماع حولها من طرف الساكنة الصحراوية بالأقاليم الجنوبية وتلك المحتجزة رغما عنها في المخيمات.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...