نحن نتجه إلى إكمال عشر سنوات بعد دستور 2011. انها مرحلة من تاريخ المغرب المعاصر توشك على الانقضاء، لنتجه الى مرحلة جديدة سواء أقبلنا بذلك أم لم نقبل، لأن التحولات المتسارعة هي في النهاية فوق الجميع، لا تستأذن أحدا ولا تمنح الفرصة دائما للتوقع أو التهييء أو الضبط، ولأن منطق السياسة حاكم ويقضي بظهور عوامل منفلتة عادة ما تجعل المعادلات تختل.
لابد من إنجاز تقييم جماعي للعشر سنوات الماضية بنجاحاتها واخفاقاتها، بتطلعاتها واحباطاتها، بالكثير من النسبية والتواضع من كل الأطراف، ولابد من تدشين تفاوض حقيقي بمعناه الكبير لمعاودة توجيه البوصلة وتطويق منطق الصراع وحرب الكل ضد الكل.
الصراع لا يؤَمِّن الانتقالات الكبيرة التي عادة ما تنتجها التوافقات الكبرى التي تصنعها العقول الكبيرة، وهي التوافقات التي تنصب على المبادئ الموجهة، ودونها يتم التنافس والاختلاف والحسم الديمقراطي.
التوجه للانتخابات المقبلة او الافراج عن “نموذج تنموي جديد” أو اعلان خطة انعاش اقتصادي أو أي شكل من أشكال الاعلان عن مشروع جديد أو مرحلة جديدة بدون تقييم وتفاوض وتغيير للمقاربات، لن يفضي إلا لاستدامة منطق التوتر والصراع الذي يستنزف كل الأطراف، ويظل الوطن هو الخاسر الأكبر.
شكلت الجائحة وقفة للتأمل، لكن الكثير من المؤشرات المقلقة تخبرنا أن منطق تدبير الأشياء لم يتغير، وأن النقاشات الكبرى لاتزال مؤجلة، غير أن أسوأ ما في الأمر هو انعدام النقاش وسيادة الفراغ.
إن النظرية أجدى وأهم من الممارسة، قد تأخذ وقتا وقد يزدريها التقنيون ودعاة مقاربة” الانجاز”، لكن التاريخ يخبرنا أن الذين أخذوا وقتهم الكافي في بناء النظرية الصلبة، هم وحدهم من أنجحوا انتقالاتهم الحقيقية، وأن المتسرعين عادة ما يخسرون وقتا أكبر، ولنا في ثورات الربيع الديمقراطي في منطقتنا أبلغ مثال.
الضعفاء والفارغون وحدهم لا يطيقون النقاش الكبير، لصعوبته وحاجته الى عقول كبيرة تنفذ اليها الرياح، هؤلاء مهما حاولوا الهروب والاحتماء بالتقنية وقتل السياسة، لن يشكلوا الفرق ولن ينتجوا الحل…..هكذا حكم التاريخ.
*نائبة برلمانية
عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...