لجأ الفلسطيني أحمد عمارنه إلى مغارة في سفح جبل في شمال الضفة الغربية، للعيش فيها مع عائلته بعد أن منعته إسرائيل من بناء منزل في قريته فراسين، لكن هذا الملجأ قد لا يدوم.
أغلق عمارنه مدخل المغارة بجدار من الحجارة ووضع لها بابا حديديا وآخر من الخشب وفتح فيها نافذتين. في الداخل، يوجد أثاث متواضع. ويعيش عمارنه في المكان مع زوجته الحامل وابنته. الى جانب المغارة، حظيرة صغيرة لأغنامه ودجاجاته.
مضى على وجود العائلة في المغارة عام وثمانية أشهر، وفق قول عمارنه الذي يضيف “تفاجأت قبل أيام بإنذار من السلطات الإسرائيلية” يطالبه بإزالة المغارة الواقعة في أرضه خلال أيام.
وغالبا ما تصدر السلطات الإسرائيلية أوامر بتدمير منشآت ومباني في الضفة الغربية تعتبرها غير قانونية. وتزامن الإنذار الذي تلقاه عمارنة مع 17 إنذارا آخر لإزالة منازل ومنشآت.
ويقول المهندس المعماري أحمد عمارنه لوكالة فرانس برس “حاولت البناء مرتين، لكن سلطات الاحتلال أبلغتني بأنه ممنوع البناء في هذه المنطقة”.
ودفعه هذا لاتخاذ قرار بالسكن في مغارة موجودة منذ زمن بعيد، معتبرا أنه لا يحتاج الى ترخيص للسكن فيها، خصوصا أن المغارة تقع في قطعة أرض مسجلة باسمه.
ويستغرب بالتالي طلب إزالة المغارة بحجة أنها “شيدت بدون ترخيص”.
لاأحد يطرد الوحوش من الكهوف
ويقول “دول العالم لا تطرد حتى الوحوش من الكهوف، وأنا لا أطلب إلا التعامل معنا كأننا وحوش وعدم طردنا منها”.ويتابع “لا أفهم لماذا يمنعونني من السكن في مغارة… ليتعاملوا معي كالحيوانات التي تعيش في الكهوف إذا كانوا من دعاة الرفق بالحيوان”.
وردت وحدة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية التابعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية (كوغات) على استفسارات وكالة فرانس برس حول الموضوع بالقول إن “الأوامر في المنطقة (…) أعطتها وحدة الإشراف ضد المباني التي بنيت بشكل غير قانوني، بدون التصاريح والموافقات اللازمة”.
وأضافت “سيتم تطبيق تنفيذ الاوامر في الموقع وفقا لإجراءات السلطات وسيخضع للأولويات والاعتبارات التشغيلية”.
كلفة الهدم
وتتبع الأرض التي تقع فيها المغارة الطبيعية لقرية فراسين التي اعترفت بها السلطة الفلسطينية كهيئة محلية في مارس الماضي، غير أن السلطات الاسرائيلية تعتبرها ضمن المناطق الخاضعة لسيطرتها الإدارية والأمنية في الضفة الغربية المحتلة.
ويقول عمارنه وهو يحمل طفلته بين يديه “تفاجأت بالإنذار، لأنني لم أقم أصلا بإنشاء المغارة الموجودة منذ القدم”. وتعيش العائلة في قلق متخوفة من وصول جرافات إسرائيلية لهدم المغارة.
وتقول منظمة “بتسليم” الإسرائيلية إن إسرائيل دمرت 63 منشأة فلسطينية في يونيو على الرغم من تفشي فيروس كورونا المستجد، ووسط توتر ناجم عن احتمال إقدام إسرائيل على ضم أجزاء كبيرة من الضفة الغربية والمستوطنات الإسرائيلية فيها عملا بخطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
وتمنع إسرائيل الفلسطينيين من البناء في المناطق الخاضعة لسيطرتها الأمنية المعروفة بمناطق “ج” أو “سي”، إلا وفق قوانين صارمة. وغالبا ما يقدم الفلسطينيون على هدم منازلهم بأيديهم، حتى لا يدفعوا كلفة الهدم إن قامت السلطات الإسرائيلية بهدمها، في حال كانت قد بنيت من دون تراخيص.
مستوطن..لا أحد يزعجه
تقع قرية فراسين في شمال غرب الضفة الغربية وتعود نشأتها للعام 1920.
ويقول رئيس المجلس القروي محمود أحمد ناصر لوكالة فرانس برس “هجرها غالبية أهلها في العام 1967 وعاد البعض عام 1980، ليصل عدد سكانها الى مئتي نسمة يعيشون في مناطق متباعدة على مساحة القرية الواسعة فلا يشكلون قرية مترابطة”.
ولا توجد في القرية أي خدمات، ومنازلها مكونة إما من ألواح خشبية او ألواح من الزينك. ولا توجد شوارع معبدة ولا خدمة مياه ولا كهرباء.
ويتم ضخ المياه الى المنازل المتواضعة وقطعان الأغنام من خزان مياه كبير تصل اليه المياه من خارج القرية.
وتوجد منازل قديمة على سفح الجبل يشير اليها رئيس المجلس قائلا “كان أهلنا يعيشون هناك، وهناك مقابرهم”.
على تلة قريبة من القرية، يمكن رؤية كرافان يقول سكان فراسين إنه لمستوطن وصل حديثا الى المنطقة.
ويقول رئيس المجلس القروي “جاء هذا المستوطن الى هنا قبل مدة ومعه أغنام” من دون أن يزعجه أحد. “في الوقت ذاته، طالبتنا (الحكومة) نحن أصحاب هذه الاراضي بإزالة كل مظاهر الحياة”.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...