تميزت سنة 2021 التي شارفت على الانتهاء ، بتنظيم انتخابات تشريعية، وجهوية، ومحلية، ومهنية، شكلت لبنة إضافية في مسار تعزيز المسلسل الديمقراطي واستكمال البناء المؤسساتي للمملكة.
وعلى الرغم من استمرار تفشي جائحة ” كوفيد – 19 “، نجح المغرب ،باقتدار، في كسب رهان تجديد كافة المؤسسات المنتخبة الوطنية والمحلية والمهنية، من مجالس جماعية ومجالس إقليمية ومجالس جهوية وغرف مهنية، علاوة على انتخابات ممثلي المأجورين، ثم مجلسي البرلمان، مما 2021 سنة انتخابية بامتياز.
هذه الاستحقاقات التي جرت في ظل منظومة قانونية جديدة حملت مستجدات على أكثر من صعيد، خاصة على مستوى توسيع التمثيلية السياسية للمواطنين من خلال القاسم الانتخابي، الذي تم احتسابه هذه المرة بناء على عدد المسجلين بدل عدد المصوتين، وتعزيز مشاركة المرأة عبر اللوائح الجهوية، وتوسيع المشاركة السياسية في الانتخابات وفي عملية التصويت بتحديد يوم واحد لثلاثة استحقاقات، فضلا عن الحرص على توفير الضمانات القانونية والإجرائية اللازمة لتخليق العملية الانتخابية وجعلها مدخلا لتكريس الممارسة الديمقراطية.
وعرف اقتراع 8 شتنبر، مشاركة قوية للناخبين بلغت 50.18 في المائة، وأيضا تطورا في عدد الترشيحات المقدمة برسم الاستحقاقات الثلاثة مقارنة بالماضي، وانخراطا واسعا للشباب والنساء سواء كمرشحين، أو كناخبين. كما تم تسجيل ارتفاع في نسبة ترشح المنتخبين المنتهية ولايتهم بما يفوق 66 في المائة من الدوائر الخاصة بمجلس النواب.
كما ساهمت التعديلات القانونية التي همت المنظومة الانتخابية في تعزيز الحضور الوازن للعنصر النسائي على مستوى الترشيحات المقدمة في مختلف هذه الاستحقاقات، مما مكن من إدماج مزيد من النساء المغربيات في عملية صنع القرار سواء على المستوى الوطني أو الجهوي أو المحلي. وشكلت انتخابات مجلس المستشارين، آخر حلقة في المسلسل الانتخابي الذي شهدته المملكة وكانت بمثابة اختبار حقيقي للهيئات السياسية وكافة المتدخلين في العملية الانتخابية، بالنظر للرهانات المختلفة لهذا الاستحقاق وللصلاحيات الواسعة التي أصبح يتوفر عليها المجلس، وبالنظر إلى تركيبته المتنوعة التي تضم ممثلين عن المجالس الجماعية والجهوية والغرف المهنية والمنظمات النقابية، بالإضافة إلى ممثلي أرباب العمل والأجراء.
وفي المحصلة، أفرزت استحقاقات 2021 متغيرات جذرية على مستوى الخريطة السياسية، في مقدمتها، تصدر حزب التجمع الوطني للأحرار للمشهد الحزبي بعد الانتصار الكاسح الذي حققه في جميع المحطات الانتخابية. كما أسفرت هذه الانتخابات عن تقهقر كبير لحزب العدالة والتنمية (المرتبة الثامنة) وهو الذي قاد الحكومة لولايتين تشريعيتين متتاليتين. وفي ضوء هذه النتائج ،تشكلت أغلبية نيابية بمجلس النواب قوامها ثلاثة أحزاب هي التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة والاستقلال (هذان الأخيران كانا في المعارضة خلال الولاية السابقة)، فيما اصطفت أحزاب أخرى في المعارضة، وعلى رأسها، حزب العدالة والتنمية والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بالإضافة إلى حزب التقدم والاشتراكية.
وبناء على هذه الأغلبية النيابية تم تشكيل الحكومة الجديدة في حيز زمني وجيز من طرف رئيس الحكومة عزيز أخنوش، الذي عينه صاحب الجلالة الملك محمد السادس في العاشر من شتنبر الماضي، في هذا المنصب.
والأكيد أن نتائج اقتراع 8 شتنبر كانت عاملا ميسرا لبسط تصور للتحالفات الحزبية التي تقتضيها طبيعة المرحلة الراهنة التي يعيشها المغرب. فالأحزاب الثلاثة التي تشكل التحالف الحكومي الحالي تتوفر على أغلبية برلمانية مريحة، مما يعبد الطريق أمام الحكومة لتنزيل برنامجها الذي يتضمن أوراشا اجتماعية استراتيجية مهمة، وكذا الوفاء بالالتزامات والتعهدات التي تضمنتها البرامج الانتخابية.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...