أعيد الأحد انتخاب إيمانويل ماكرون رئيس ا لفرنسا لولاية ثانية تمتد على خمس سنوات، بعدما تغلب على منافسته مارين لوبن، التي حققت أعلى نتيجة لمرشح يميني متطر ف في انتخابات رئاسية منذ تأسيس الجمهورية الخامسة عام 1958.
ورغم كل شيء، حقق الرئيس انتصارا واضحا وحصد ما بين57,6 و58,2 في المئة من الاصوات، بحسب تقديرات أولى نشرتها مراكز الاستطلاع، في انتخاباتات سمت بنسبة امتناع عن التصويت مرتفعة.
رئيس موالي لأوربا
واختار الفرنسيون إذا إعادة انتخاب رئيس وسطي ليبرالي وموال جد ا لأوروبا بدلا من مرشحة راديكالية تضع “الأولوية الوطنية” في صلب برنامجها وتنتقد الاتحاد الأوروبي بشدة.
وكتبت رئيس المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين في تغريدة “عزيزي إيمانويل ماركون، أقدم كل تهاني لإعادة انتخابك (…) أبدي ارتياحي الى التمكن من مواصلة تعاوننا الممتاز. مع ا، سنمضي قدم ا بفرنسا وأوروبا”.
وقال رئيس المجلس الاوروبي شارل ميشال على تويتر “في هذه المرحلة المضطربة، نحتاج الى أوروبا صلبة والى فرنسا ملتزمة تماما من أجل اتحاد أوروبي أكثر سيادة وأكثر استراتيجية”.
كما اعتبر المستشار الألماني أولاف شولتس أن إعادة انتخاب ماكرون “إشارة قوية لصالح أوروبا”.
أول رئيس يعاد انتخابه
من جانبه، هنأ رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون ماكرون وغر د بالفرنسية قائلا “أنا مسرور بأن نواصل العمل معا على موضوعات رئيسية بالنسبة الى بلدينا والى العالم”.
وهتف أنصار ماكرون الذين تجمعوا في حديقة “شان دو مارس” في باريس تحت برج إيفل، “واحد، اثنان، خمسة أعوام إضافية!”، ثم علت موسيقى قبل 10دقائق من إعلان التقديرات.
وماكرون (44 عام ا) هو أول رئيس فرنسي يعاد انتخابه لولاية ثانية خلال 20 عاما، منذ إعادة انتخاب جاك شيراك عام 2002 بعدما هزم منافسه آنذاك والد مارين لوبن، جان-ماري لوبن.
غير أن هذه الانتخابات تندرج في سياق نسبة امتناع عن التصويت قياسية ت قد ر بـ27,8% بحسب المعهد الفرنسي للرأي العام، وهي نسبة غير مسبوقة في دورة ثاني من الانتخابات الرئاسية منذ 1969 (31,3%).
على سبيل المقارنة، حصل ماكرون عام 2017 على 66,10% من الأصوات متقد م ا بفارق كبير على لوبن (33,90%).
اليمين المتطرف يتقدم
وتمكنت لوبن (53 عام ا) بحصولها على ما بين 41,8 و42,4% من الأصوات، من رفع اليمين المتطرف إلى مستوى قياسي في فرنسا، ما ي نذر بأن الرئيس سيواجه صعوبات كبيرة. وسيكون أول تحد أمامه الحصول على الأغلبية في الانتخابات التشريعية المقررة في يونيو.
بعد صدور التقديرات الأولى، اعتبرت لوبن أن ما حصدته من أصوات في الانتخابات الرئاسية يشكل “انتصارا مدويا”. ووعدت بـ”مواصلة” مسيرتها السياسية، مؤكدة أنها “لن تتخلى أبدا” عن الفرنسيين.
وقالت “نطلق هذا المساء المعركة الانتخابية التشريعية الكبيرة”، وسط تصفيق حار من جانب مناصريها.
اليسار الراديكالي
ووعد زعيم اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشون الذي حل في المركز الثالث في الجولة الأولى من الانتخابات، بأن تكون الانتخابات التشريعية المقررة في 12 و19 حزيران/يونيو، جحيم ا بالنسبة لماكرون معتبر ا أنه رئيس “ان تخب بشكل سيء”. وقال إن “الجولة الثالثة تبدأ هذا المساء”.
وو صف ماكرون بـ”رئيس الأثرياء” خصوص ا بسبب قرارين اتخذهما في بداية ولايته ولم يقبلهما اليسار أبدا وهما إلغاء الضريبة على الثروات وتخفيض إعانات السكن.
وأثارت مواقفه الخلافية بشأن مسائل عدة وممارسته العمودية للسلطة استياء جزء من الفرنسيين الذين اعتبروا أنه بعيد جد ا عن واقع حياتهم اليومية والصعوبات المادية التي يواجهونها في نهاية كل شهر.
وجراء أعمال العنف خلال تظاهرات “السترات الصفراء” وتعامل قوات الأمن مع المتظاهرين إضافة إلى معاملة المهاجرين (الأفغان والسوريين والسودانيين…) بشكل “مهين” وفق منظمات غير حكومية دولية ووطنية خصوص ا في كاليه (شمال)، فقد ماكرون بشكل نهائي جزءا من اليسار رغم أنه التيار السياسي الذي ينحدر منه.
خطة لوبن
وخسرت لوبن للمرة الثالثة في مسرتها انتخابات رئاسية. ولم تفلح مرة جديدة في تجاوز العتبة الكبيرة التي يمثلها انتصار اليمين المتطرف في فرنسا. لكن بحصولها على نتيجة مرتفعة، تضع لوبن عائلتها السياسية وأفكارها الراديكالية بشكل أكبر في صلب الساحة السياسية الفرنسية.
وتحصد لوبن ثمار استراتيجية طويلة اتبعتها منذ عقد لـ”نزع شيطنة” صورتها. فقد خففت حدة خطابها وبدت بمظهر المرشحة القريبة من مخاوف الفرنسيين، حتى أنها رفضت وصفها بأنها من اليمين المتطرف، رغم أن في الواقع لم يتغير برنامجها، خصوصا في ما يخص الهجرة.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...