أنجز الفريق العلمي لمؤسسة منصات للأبحاث والدراسات الاجتماعية بحثا كيفيا بعنوان: “الحريات الفردية: ما يقوله المغاربة!”، أظهر تباينا في المواقف بخصوص تمثلاتهم.
وبحسب النتائج التي تم عرضها أمس السبت في ندوة صحفية، يربط عدد من المستجوبين سيادة وانتشار الحريات الفردية بمصير المجتمع، وبالتالي اعتبارها خطرا يهدد هويته الجماعية الكلية والدينية بالخصوص.
وتبين المقابلات، أن غالبية المستجوبين يقبلون بدرجات متفاوتة بحدود للحريات الفردية والخطوط الحمراء، حتى لا تتحول تلك الحريات إلى مدخل نحو “الفوضى”، “السيبة”، “الأنانية”،”الفساد”… لذلك في المقابلات ترددت كثيرا عبارات من قبيل “الحرية المطلقة فساد، ليست هناك حرية مطلقة، ينبغي مراعاة المجتمع، الدين، القانون، الوالدين، الإخوة، العادات والتقاليد، الوسط والأماكن”.
وتؤكد النتائج أن المستجوبين ينطلقون في موقفهم من الحرية الفردية من منطلقين: إما أن الحرية الفردية المطلقة طريق نحو الفوضى، أو من منطلق كونها مجرد “أوهام” متخيلة فقط، يستحيل تحققها في الواقع الاجتماعي المعيش.
ويربط المستجوبون ممارسة الحرية الفردية بمقدار حيازة الرأسمال المادي، والسلطة والنفوذ، خصوصا مع إثارة نماذج ممارسات واقعية كالإجهاض، العلاقات الرضائية وحتى الإفطار العلني في رمضان، والتي يطرحها العديد من أفراد عينة البحث كحريات طبقية تشترى أو تفرض بسلطوية، ويمارسها البعض دون الآخرين حسب الانتماء السوسيو-طبقي، والمجالي والمتغير الجندري، والمستوى الثقافي.
وكلما انخرط المستجوبون في تمثل الحرية الفردية كانحلال أخلاقي، كلما اتجه موقفهم نحو الرفض لأي مجهود مجتمعي لمأسسة تلك الحريات أو لتقنين ممارستها أو تغيير قوانينها.
وأظهر البحث أن جل المستجوبين يستندون في مواقفهم من الحريات الفردية، على حجج مستقاة من تقاليد الناس ورسوخها في الهوية الجماعية لكونها أصيلة ومتوارثة، ومستندة لرأي الأغلبية التي تحوز حق ممارسة الإكراه في حق الحالات التي يعتبرونها “شاذة” و”أقلية” كنوع من الضرورة لحماية الإجماع والانسجام الداخلي للمجتمع.
وبخصوص الحرية الفردية والجسد يهيمن على تمثل المستجوبين للحرية الفردية، اعتبار الجسد ملكا جماعيا، وتستند هذه التمثلات في غالبيتها، على منطلقات دينية وتصبح حرية الجسد مرادفة ومرتبطة بالانحلال الأخلاقي، خصوصا لما يتعلق الأمر بالمرأة واختياراتها على مستوى العمل، السفر، اللباس، وممارسات فردية خاصة أخرى.
وانطلاقا من تمثلات المستجوبين، تتأكد مسألة سيادة “الجسد الشرعي” للجماعة، خاصة عندما يتعلق الأمر بالجسد الأنثوي.
أما فيما يتعلق بالحريات الفردية والمعتقد، يسود لدى المستجوبين تخوف من ممارسة بعض الأفراد للحق في حرية تغيير المعتقد، بمعتقد ديني أو لاديني غير الدين الإسلامي، باعتبار ذلك استهدافا لهوية المجتمع.
وبخصوص الحريات الفردية والقانون، فغالبية المستجوبين يرفضون إلغاء تلك الفصول التي تمس الحريات الفردية ( 220-222-490) و الفصول المتعلقة بتجريم الإجهاض و المثلية الجنسية. يعود رفضهم ذاك لكون أي مساس بها سيؤدي إلى زيادة “الفساد الأخلاقي” بالمجتمع.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...