كشف التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات، أن الإطار القانوني المعمول به في مجال منظومة الأدوية لا يشجع على تطوير الإنتاج المحلي، وسوق الأدوية الجنيسة، وبالتالي يؤثر على توافر الأدوية وولوجيتها الاقتصادية، مضيفا أنه يحفز الإطار القانوني الحالي الاستيراد على حساب الإنتاج المحلي، بمنح هامش ربح إضافي بنسبة 10% من ثمن المصنع دون احتساب الرسوم على كل دواء مستورد.
وأوضح التقرير بخصوص تطوير سوق الأدوية الجنيسة، أن مدة براءة اختراع الأدوية الأصلية في المغرب ما بين 20 و25 سنة، حسب القانون رقم 17.97 المتعلق بحماية الملكية الصناعية، طويلة نسبيا مقارنة بدول أخرى، مشيرا إلى أن هذه الفترة تمتد لعشر سنوات فقط في بلدان الاتحاد الأوروبي.
وأفاد تقرير قضاة المجلس، أن وزارة الصحة وضعت أول سياسة دوائية وطنية، شملت الفترة الممتدة ما بين 2015 و2020، غير أنه لم يتم إعداد المخططات التنفيذية الخاصة بها، ولا مخطط لتتبع وتقييم إنجازاتها، مما أسفر عن انعدام تتبع دوري للسياسة، ولم يتم تنفيذ غالبية الإجراءات المسطرة بها.
وخلص التقرير إلى أن عملية الإذن بالعرض في السوق والمراقبة وتحديد أسعار بيع الأدوية للعموم، تتسم بغياب نظام معلوماتي مندمج، ومن ضعف تغطية أنشطة مديرية الادوية والصيدلة المتعلقة بالأدوية تطبيقات معلوماتية وظيفية، وبالتالي، يتم الاعتماد على التطبيقات المكتبية والسجلات اليدوية، على مستوى أغلبية المصالح، من أجل تتبع الملفات، مما لا يضمن موثوقية البيانات.
وبخصوص آليات ضمان توافر وجودة الأدوية، أورد التقرير أنه لم يتسن التأكد من أن عمليات الإذن بالعرض في السوق والمراقبة وتحديد ثمن بيع الأدوية تمكن من ضمان توافر أدوية عالية الجودة في السوق الوطنية، حيث أن الوزارة لا تتوفر على بيانات حول الإنتاج الوطني للأدوية ولا يزال نظام تقييم الاحتياجات الوطنية من الأدوية الأساسية غير مكتمل وغير دقيق، كما تقتصر عملية مراقبة المخزون الاحتياطي للأدوية على تسجيل المعلومات التي تصرح بها المؤسسات الصيدلية الصناعية التي تصرح بوضعية مخزونها الاحتياطي لبعض الأدوية فقط، في حين لا تقوم المؤسسات الصيدلية الموزعة بالجملة بالتصريح بوضعية مخزونها الاحتياطي، كما تنص على ذلك الأنظمة الجاري بها العمل.
وفي ما يتعلق بطلبات الإذن بالعرض في السوق وتجديدها، فإن الآجال القانونية المخصصة لها تعد طويلة، مما لا يشجع على توافر الأدوية. أما بخصوص تتبع ومراقبة جودة الأدوية المعروضة في السوق الوطنية، فإنهما يظلان محدودين نظرا لكون الإطار القانوني الخاص بهذه المراقبة غير مكتمل، وكذا لعدم توفر مديرية الأدوية والصيدلة على الصلاحيات اللازمة من أجل تطبيق تدابير الردع اللازمة، مشيرا إلى أن أسعار الأدوية تتأثر بشكل سلبي بهوامش ربح المؤسسات الصيدلية الموزعة بالجملة والصيدليات، ونسبة الضريبة على القيمة المضافة، التي تعتبر مرتفعة مقارنة بالدول المعيارية.
وأستنتج التقرير أن عمليات مراجعة سعر البيع للعموم التي تم القيام بها، خلال الفترة ما بين 2014 و2021، لم يكن لها أثر ملموس على سعر البيع للعموم لبعض الأدوية. ويعزى ذلك بصفة أساسية إلى الصيغة المعتمدة في مراجعة أسعار الأدوية الأصلية، مشيرا إلى أنه رغم التحسنات الملحوظة، فإن عمليات الإذن بالعرض في السوق والمراقبة وتحديد ثمن بيع الأدوية لا تمكن بعد من إعطاء ضمانات كافية لتوافر أدوية ذات جودة عالية وبأثمنة تراعي القدرة الشرائية للمواطنين.
وبخصوص الموضوع أوصى المجلس الأعلى للحسابات بالعمل على استكمال الإطار القانوني المنظم لقطاع الأدوية والحرص على تحديثه بانتظام، وبوضع سياسة دوائية وطنية ترتكز على تحفيز الإنتاج المحلي للأدوية والحرص على تتبع تنزيلها.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...