قال خالد الشيات، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول بوجدة، إن فهم موقف روسيا من قضية الصحراء المغربية يمر أساسا عبر سلوكها داخل مجلس الأمن، خاصة خلال ما يقارب سبعة وعشرين سنة من تدبير هذا الملف.
وأوضح في تصريح لموقع الأنباء تيفي، أن موسكو لم تلجأ في أي مرحلة إلى استعمال حق النقض ضد القرارات المتعلقة بالصحراء، مبرزا أن امتناعها المتكرر عن التصويت جرى تأويله أحيانا بشكل خاطئ على أنه اعتراض على المغرب، في حين أنه يعكس في الواقع تحفظها على بعض جوانب تدبير الملف داخل المجلس.
وأشار الشيات إلى أن روسيا عبرت، خلال السنة الماضية وكذلك عقب التصويت الأخير، عن أن تحفظها موجه بالأساس إلى “حامل القلم” داخل مجلس الأمن، أي الولايات المتحدة الأمريكية، وليس إلى مضمون القرار أو موضوع الصحراء المغربية في حد ذاته.
واعتبر أن هذا الموقف يعبر عن رغبة موسكو في تسجيل ملاحظاتها على آليات الصياغة والتدبير داخل مجلس الأمن، دون أن يعني ذلك تبنّي موقف سلبي من المغرب.
وأضاف المتحدث، أن هذا التوجه يتأكد من خلال تشبث روسيا ببعض المواقف الإجرائية، خاصة ما يتعلق بعدم حضور ممثلي جبهة البوليساريو لبعض اللقاءات، وحرصها على إدراج الجوانب الشكلية المرتبطة بالحضور والتمثيل.
واعتبر أن هذا السلوك يشكل مؤشرا واضحا على أن روسيا لا تتبنى أطروحة معادية للمغرب، بل تحرص على الحفاظ على نوع من التوازن في تعاطيها مع هذا الملف داخل مجلس الأمن.
وأوضح الشيات، أن قراءة الموقف الروسي لا يمكن فصلها عن السياق الجيوسياسي الأوسع، ولا سيما العلاقات التي تجمع روسيا بالمغرب وبالقارة الإفريقية عموما. فالعلاقات الروسية-المغربية، خاصة في بعدها الاقتصادي والتجاري، حسب المتحدث، تمثل ركيزة أساسية في الاستراتيجية الإفريقية لموسكو، في ظل التنافس الدولي المتزايد مع قوى كبرى مثل الولايات المتحدة والصين.
واعتبر أن المغرب يُنظر إليه من طرف روسيا كشريك موثوق وبوابة استراتيجية نحو إفريقيا، بالنظر إلى شبكة الاتفاقيات التي يملكها، وما يوفره من فرص ومزايا اقتصادية واعدة على المديين المتوسط والبعيد، وهو ما يمنحه مكانة متقدمة ضمن أولويات السياسة الروسية في القارة.
وفي المقابل، سجل الشيات محدودية الطرح الذي تقدمه الجزائر وجبهة البوليساريو، سواء على المستوى الاقتصادي أو الاستثماري، حيث يطغى عليه البعد السياسي والإيديولوجي دون تقديم بدائل عملية أو مشاريع تنموية ذات جدوى، وهو ما يبدو غير منسجم مع المقاربة البراغماتية التي تتبناها روسيا.
وختم الشيات تصريحه بالتأكيد على أن هذه المواقف تندرج ضمن رؤية دولية أوسع تأخذ بعين الاعتبار التحولات الديمغرافية والاقتصادية التي تشهدها إفريقيا، باعتبارها قارة واعدة بإمكانات كبيرة في مجالات الطاقة والموارد الطبيعية والشباب، وفي هذا السياق، تبرز المقاربة المغربية القائمة على التعاون والتنمية والاستقرار باعتبارها أكثر انسجاما مع التوجهات الدولية الجديدة، بما فيها الرؤية الروسية.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...
body.postid-1152232