المصائب لا تأتي فرادى، هذا هو حال الاقتصاد البريطاني، الذي ما كاد يلتقط أنفاسه من تداعيات خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي، حتى تلقى ضربة موجعة بسبب المخاوف من انتشار فيروس كورونا، وتراجع الأسواق العالمية، ما حمل أخبارا سيئة للمملكة المتحدة لعل أقلها ضررا هو عام جديد يسجل نسبة نمو تصل إلى الصفر تقريبا.
وتحمل توقعات عدد من المؤسسات الاقتصادية والبنكية معطيات سلبية حول وضع الاقتصاد البريطاني في الأشهر المقبلة، حيث أكدت مذكرة لبنك “كولد مان”، أن نتائج فيروس كورونا المستجد ستكون عاصفة بالنسبة لعدد من القطاعات من بينها السياحة والتأمينات.
وتتجه الأنظار هذه الأيام إلى البنك المركزي البريطاني، انتظارا لما سيعلنه من قرارات تحمي اقتصاد البلاد من أي صدمة جديدة، وهو الذي لم يخرج بعد من أزمة “البريكست”، ويعقد المحافظ العام للبنك المركزي اجتماعات مكثفة مع رئيس الوزراء بوريس جونسون ومسؤولين عن المؤسسات المالية الكبرى للخروج بخطة لمواجهة أزمة فيروس كورونا والحد من آثارها على البلاد.
ومع نهاية الشهر الجاري، ستسجل المملكة المتحدة نسبة نمو في حدود 0.2% فقط خلال الأشهر الثلاثة الأولى من هذه السنة، وحتى هذه النسبة سوف تتلاشى خلال الفصل المقبل حسب توقعات بنك “كولد مان”، الذي أكد أن الأشهر الثلاثة المقبلة ستعرف تراجعا أو في أفضل الحالات ركودا اقتصاديا، مصحوبا بانكماش .
محاربة الخوف يعلم محافظ البنك المركزي البريطاني، مارك كارني أن أكبر خطر يواجه الاقتصاد البريطاني هو الخوف من كورونا، أكثر من مخاطر الفيروس نفسه، ولهذا فهو لا يدخر جهدا في بعث رسائل الطمأنة سواء للمواطن أو للشركات، مؤكدا أنه في تنسيق مستمر مع وزارة الخزانة والشركاء الاقتصاديين الدوليين للبلاد من أجل تقديم جواب “قوي ومحدد بجدول زمني” لمواجهة احتمالات الانكماش التي قد تطال اقتصاد البلاد.
ويؤكد محافظ البنك المركزي أن بلاده قادرة على اتخاذ الخطوات الضرورية لدعم الاقتصاد البريطاني والنظام المالي في البلاد، وعلى الرغم من أن خطة البنك المركزي لم تظهر بعد، فإن تصريحات محافظه، قد تساعد في دفع شيء من الخوف عن أنفس المستثمرين والمواطنين، بالنظر لكون المحافظ المركزي يعتبر من خمس شخصيات عامة تحظى بثقة البريطانيين، حسب ما أظهره العديد من استطلاعات الرأي.
ورغم لغة الثقة التي يتحدث بها محافظ البنك المركزي، بكون الاقتصاد البريطاني “بصحة جيدة”، فإنه في الوقت ذاته يعترف أن نسبة نمو اقتصاد بلاده ستكون أقل من النسبة المتوقعة، مضيفا أن هذا الوضع سيضر البلاد، ولذلك تشير جميع التوقعات إلى أن الخطوة المقبلة للبنك المركزي ستكون خفض نسبة الفائدة، فهي الوحيدة الكفيلة بمنح الثقة لأصحاب المشاريع الصغيرة وللمستهلك.
وأعلن محافظ البنك المركزي عن خفض سعر الفائدة من نسبة 0.75% إلى 0.25%، وهي أقل نسبة في تاريخ البلاد، وبرر مارك كارني المحافظ العام للبنك هذا القرار، بحماية الاقتصاد من الانكماش الذي سيعرفه خلال الفترة المقبلة، متوقعا بأن فترة الأزمة لن تطول ولكن ستكون مؤقتة، ويهدف هذا القرار إلى تشجيع الشركات الصغرى على الاستثمار أكثر ولحث المواطنين على الحصول على قروض أكثر.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...