عبد العالي بن مبارك بطل
لكل شيء سلبيات وايجابيات، فالحوادث الطبيعية مهما كان شكلها ونوعها وبالرغم من أن جلها عبارة عن سلبيات، إلا أن لها كذلك بعض الايجابيات، ولكن غالبا ما تطغى السلبيات فيها على الايجابيات، وتذكر دائما سلبياتها دون الإشارة إلى ايجابياتها. وانطباع الناس دائما نحو الحوادث الطبيعية كيفما كان نوعها، هو أنها عوامل قتل وتدمير وخراب نتيجة لما تسببه من ركود اقتصادي وتجاري, إلا أن هناك فئة قليلة من الناس ترى أن فيها فائدة فيستبشرون بها خيرا رغم آثارها على البعض الأخر). ومن سلبياتها والتي يعرفها الكل، الموت والتشريد والتفقير نتيجة خراب المباني والمرافق العمومية والبنيات التحتية والتجهيزات والخدمات وظهور كساد اقتصادي وتجاري لبعض الدول بسبب توقف مصانعها المفاجئ وتأخر استئناف التشغيل وانحسار تدفق رأس المال الأجنبي الذي قد يعزف عن البلدان المتضررة من تفشي الحوادث، و تضرر رأس المال المحلي ومكوث العمال في منازلهم. وتوقف حركات النقل والسياحة اللذان يشكلان لبعض الدول المدخل الرئيسي لإيراداتها واللذان ينكمشان مع تراجع الطلب وزيادة القيود على السفر، وغيرها من الآثار السلبية التي شهدناها مؤخرا بسبب الحدث الطبيعي لفيروس كورونا، إضافة إلى تحويل المجتمع الآمن المستقر المترابط إلى مجتمع خائف فزع متمزق، والمجتمع المتقدم عمرانيا و حضاريا وتكنولوجيا المعتز بما وصل إليه من تطور إلى مجتمع يطلب الغوث والمساعدة من المجتمعات الأخرى، وكما أن للحوادث الطبيعية سلبيات فإن لها أيضا ايجابيات. ويختلف منظور الناس نحو ايجابياتها حسب الاستفادة منها (وذلك حسب رؤية الناظر ومنطق تشاؤميته بحيث إذا وضعنا نصف الكوب من الماء فنجد هناك من ينظر له على أنه نصف ممتلئ والنصف الآخر ينظر إليه على انه فارغ ، فمثلا خلال كارثة فيروس كورونا الذي تعيشه البشرية في الوقت الحالي نجد أن معظم الدول أعطت اهتمامها لتطوير بنياتها الصحية والتفكير بشعوبها بدل اقتصاداتها، والتفكير بمساعدة ودعم القطاعات والشركات والمقاولات الخاصة، والحث على الالتزام بالشروط الصحية للجميع لوقاية النفس والآخرين، والتكافل الاجتماعي وهذا كله يعد من الايجابيات ولكن هناك فئة من المجتمعات ذات أصحاب المنظور الاقتصادي البحت، تتحمس وتفرح حينما تقع كارثة طبيعية فهي ترى أنها فرصة ثمينة لجمع أكبر قدر ممكن من المال على حساب البعض الأخر. وهذا ما يتجلى مثلا بالقطاع التجاري الالكتروني وتكنولوجيا الاتصالات ك5G الذي ما فتئت تستخدمه بعض الدول كالصين، والذي اعتبره البعض من أهم الركائز المسببة لفيروس كورونا وللكوارث الطبيعية القادمة، وكذلك القطاع البنكي والسدادات والمدفوعات النقدية، حيث أظهرت الدراسات الأخيرة بأن الفيروس يمكن أن يظل على قيد الحياة ومعدياً على الأوراق النقدية لمدة طويلة، وبالتالي فالعملة المتداولة قد تلعب دورًا في انتشار كورونا أيضًا، والتخوف أيضا من التعامل بالعملة النقدية التي قد تكون محملة بالفيروس في ظل إجراءات الحجر الصحي مما دفع بعض الدول لدراسة إمكانية تطهيرها وعزلها وإعادة طباعتها مع الأخذ في الاعتبار أن العملة المتداولة يمكن أن تكون عرضة لنقل الأمراض ونظرا لتكلفتها المادية ورغبة من بعض الجهات الاقتصادية في الحد منها بغية التحكم بالمعلومات المالية للأفراد والمقاولات والتجسس على خصوصياتهم ومراقبة التعاملات التجارية الدولية على الرغم من أن هذه الأخيرة تعد مخالفة لحقوق الفرد والإنسانية ربما ستكون من المبررات الحاسمة لها نحو نقطة تحول في كيفية تعاملها مع المدفوعات النقدية، مما يحتم على الدول خلق تقنيات جديدة مكلفة لتعزيز بنيتها التحتية المصرفية عبر الإنترنت والاعتماد على البطاقات بدل الكاش كما هو متداول في أغلبية بعض الدول الأسيوية كالصين واليابان و كذا دول الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية، في حين نادرًا ما تستخدم باقي دول العالم هذه التقنية وذلك راجع لعاداتهم الثقافية وللبنية التحتية المصرفية والتجارية والتكنولوجية التي تتوفر عليها، ولعدم توفرها على شركات تجارية عملاقة قادرة على التعامل بتقنية المدفوعات بجودة عالية كما نراه حاليا مثل شركات ( أمازون وعلى بابا وآبل باي، جوجل باي، وباي بال) وما إلى ذلك. فالسؤال الذي يطرح نفسه هو مدى تأثر الدول بمواكبة هذا السير ؟ الذي يعتبر البعض أن فيه ايجابيات، وهل بمقدورها التغيير؟ وما مدى تأثرها بالتكلفة الباهظة لهذا التغيير ؟ تحقيقا لرغبة الجهات الاقتصادية الأوفر حظا تكنولوجيا للظفر بهذه الصفقات على حساب البعض الأخر دون الأخذ بالحسبان مبدأ التكافل والمساواة.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...