زادت حدة التشويق بغرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بجرائم الأموال باستئنافية الدار البيضاء، في ملف قضائيين وأمنيين ومحام وسماسرة، بتصريحات مثيرة وتناقضات، وصرامة القاضي علي الطرشي الذي واجه المتهمين بأقوالهم في المحاضر، وأيضا بتفريغات لمكالمات جرى رصدها لهم من طرف عناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية.
ورغم برودة الجو في الخارج، مساء أمس الثلاثاء، فإن حرارة مرتفعة شهدتها القاعة 8 بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، التي تعرف محاكمة 28 شخصا ضمن ما يطلق عليه عصابة سماسرة الرمال، خاصة وأن القاضي يحاول مطابقة ما ورد في المحاضر مع الأقوال المباشرة للمتهمين أمام هيئة الحكمة.
وبعد محاصرته بكم هائل من المكالمات مع نائب وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية عين السبع المتابع في حالة اعتقال، فقد التجأ أحد المتهمين إلى القسم بأغلظ الأيمان أنه يتعامل مع النائب أنه فرد من العائلة، وأنه كان يلجأ إليه كلما استعصى عليه أمر أمام المصالح الأمنية والقضائية، مشددا على أنه لم يكن يوما سمسارا للقاضي المذكور.
وحين واجهه القاضي علي الطرشي بتصريحاته أمام الضابطة القضائية في المحاضر المعروضة عليه قال المتهم “أقسم بالله ماشي كلامي.. والله ما أنا اللي قلت داكشي لي مكتوب..”.
وعلت الابتسامات على الوجوه في قاعة الجلسات بعد إدراج تفريغ مكالمة هاتفية بين المتهم ونائب وكيل الملك، على الشاشة الكبيرة، قال له “وجد ليا كاسكروط عند با عمر..” وهو ما اعتبره كثيرون رسالة مشفرة، غير أن المتهم عاد إلى التأكيد على العلاقة الأخوية التي تجمعه بالقاضي، مؤكدا للمحكمة أنه كريم بالفطرة، وأنه اعتاد على التعامل مع أطباء ومحامين وأيضا قضاة ويهديهم العديد من الأشياء بينها التمر، غير أنه لم يسبق أن سلمهم النقود.
وبعد استعراض أزيد من 20 مكالمة بين الطرفين، التفت القاضي علي الطرشي إلى المتهم وقال له إن ” راه قاضي ماشي محامي، ماشي كل مرة تتصل بيه وتطلب منو يفك ليك مشكل !!!” ليرد عليه المتهم “راه هو لي عندي، ما كنعرف غير الله وهو..”.
وامتدت سخونة الملف إلى مثول موظفة بالمحكمة الابتدائية عين السبع أمام القاضي الذي حاصرها بمكالمات عديدة مع المتهم الرئيسي المعروف بـ”العمومي”، غير أنها أنكرت كل ما جاء فيها، وطالبت من القاضي إجراء مواجهة بينها وبين المتهم المذكور أمامه، لكنه أخبرها بأن المواجهة فعلا كانت بينهما أمام قاضي التحقيق وهي كافية ليكون فكرة على الموضوع.
وبينما حاول المتهمون جاهدين التخلص من التهم الموجهة إليهم والتي تدور في مجملها في الإرشاء والمشاركة وتكوين عصابة إجرامية وغيرها، لم يتمكن آخرون من تفادي الحصار الذي فرضه القاضي بأسئلته المباشرة، واعترف بتسليم مبالغ مالية قصد الاستفادة من خدمات قضائية أو حل مشكلة من طرف المسؤول القضائي سواء بطريقة مباشرة أو عن طريق الوساطة.
ويتابع المتهمون الـ28 في القضية بتهم عديدة تتعلق في مجملها بـ”استغلال النفوذ، والارتشاء والمشاركة، والارشاء، وتقديم مساعدة عمدا وعن علم للمساهمين في عصابة، وإفشاء أسرار مهنية، وتكوين عصابة إجرامية لإعداد وارتكاب جنايات ضد الأموال والارتشاء وجنحة استغلال النفوذ” كل حسب المنسوب إليه.