لا شك أن كل شخص منا همس أو خطر في باله وذهنه في يوم من الأيام شعور وتساؤل هل هو فعلا شخص مقتنع سعيد بحاله وذاته؟ وهل شعر أنه كملك من الملوك يمشي على الأرض؟ حقيقة كلها تساؤلات طرحت في ذهننا يوما ما، لكننا لم نُكن لها أي اهتمام حتى أن أغلبيتنا ساخطٌ وغير راضي على حاله، لا يُرضيه شيءٌ أبدًا، ويطمع في المزيد، وكفى بهذا من آثار مدمِّرة على حياته . لكن حقيقة حين قرأت وتمعنت في بعض المقتطفات الكلامية التي مفادها : – لم يعلم قارون أن بطاقة السحب البنكي التي في جيوبنا تغني عن مفاتيحه التي يعجز عن حملها أشداء الرجال. – ولم يعلم كسرى فارس أن الكنبة التي بصالات بيوتنا أكثر راحة من عرشه أنداك !! – وقيصر الذي كان عبيده يحركون الهواء من فوق رأسه بريش النعام، لم يرى المكيفات والمبردات التي في بيوتنا اليوم !! – وهرقل الذي كان يشرب الماء من قنينة فخّار ويحسده من حوله على برودة الماء، لم يشرب من برّادة الماء الموجودة في بيوتنا !! – والخليفة المنصور الذي كان عبيده يصبون الماء الحار مع البارد ممزوجاً ليستحم وينظر لنفسه نظرة زهو وفخر، لم يستحم يوماً بجاكوزي أو حمام بخار ؟! – ورحلة السفر التي كانت تستغرق منا أشهر على ظهور الإبل ليست كرحلة سفرنا اليوم والتي لا تحتاج إلا لساعات عبر الطائرات السريعة والمكيفة!! فسبحان الله، ويا عجبا فينا نحن البشر، فكلما اتسعت أعيننا ضاق صدرنا، على الرغم من أننا نعيش في بعض الأحيان عيشة لم يعشها حتى الملوك السابقين، بل لم يحلموا بها. ومع ذلك فالكثير منا يندب حظهُ ويُمني هذا ! نعم كلنا ملوك نمشي على الأرض نملك ما لا يملك سابقينا، ونحيا حياة ما كانوا يوما يتوقعون أننا سوف نعيشها، ومع ذلك فالكثير منا ليس راضيا وسعيدا في حياته! فيا ترى ما السبب في هذا. أظن أنه من بين الأسباب الحقيقة في ذلك، هو وُجود كثرة المغريات والرغبات الجامحة التي لا تنتهي لدينا، لأن كل رغبة نتمنى تحقيقها نظنُ أنها هي التي ستأتيننا بالسعادة والراحة المستقبلية، ولكن في الحقيقة أن هذا وهمٌ ومجرد تخيل لدينا، وخير دليل على هذا كلمة شعبية مغربية أومن بها وهي أن ” المزلوط لا مثمنا ما يتهنا” لأن الرغبات الذاتية التي لدينا لا تنتهي، وكلما حقق الإنسان رغبة طمِع في مثلها وهلُمَ جرا، لأننا نعتقد أن السعادة المطلقة هي تحقيق الأشياء التي ليست بحوزتنا حتى ولو كان ذلك بأمور غير سليمة، مما يجعلنا لا نستمتع بحياتنا الحالية مع أسرنا ومجتمعاتنا بنوع من الرضا، وهذا ما يجعل الكثير منا يعتقد أنهم سيملكون السعادة لو امتلكوا ما عند الغير، وبالتالي تتكون لديهم نوع من الأنانية والكراهية وكثرة المشاكل والندم على على حاله ومعيشته. وهذا ما يجعل لديه الخوف الدائم من المستقبل المجهول، وينتابه الشعور بالقلق ، وعدم الاستمتاع بيومه ومستقبله الحالي الجميل! بل أكثر من هذا يجعله يتخبط في مصير مجهول يغلب عليه نوع من الشك في يومه الموالي هل يأتي سعيد أو عكس ذلك. لذا وجب علينا أولا ألا نُشغل أنفسنا بالنظر إلى نِعم الآخرين سواء كنا معجبين أو حاسدين أو مقارنين بما لدينا، فكلما اتسعتْ عينُنا ضاق صدرنا، فلا تحسد أحدا على نعمة يملكها، فإنك لا تعلم ماذا أخذ الله منه، ولا تحزن على مصيبة ألمّت بك، فإنك لا تعلم بماذا سيعوضك الله عنها !وآمن بغدك ومستقبلك المشرق، لأننا ولله الحمد هناك مِنا من يعيش في نعم الأمن والأمان لا يحس بها إلا من انقطعت عليه، وهذا ولله الحمد يعود بعد الله ولله الحمد لبعض القيادات الحكيمة،. كما أنني أقول أنه لا بأس من التجديد، ولكن ليس على حساب السعادة وراحة البال والاكتفاء والتمتع بما لديك، واختم كلامي هذا، بوصاية أوصى بها سيد الخلق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم” انْظُرُوا إِلَى مَنْ هو أَسفَل مِنْكُمْ وَلا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوقَكُم؛ فهُوَ أَجْدَرُ أَن لا تَزْدَرُوا نعمةَ اللَّه عَلَيْكُمْ” . الجمعة 12/05/2023م
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...