بات من الواضح، أن الزلزال القوي الذي ضرب إقليم الحوز يوم الجمعة 8 شتنبر الجاري، لم تقتصر هزاته على عدة مناطق بالمغرب، إنما وصل مداها إلى دولة فرنسا التي جندت إعلامها لمهاجمة المغرب في استغلال تام للقرارات التي اتخذتها السلطات المغربية لمواجهة الأزمة التي خلفها الزلزال المدمر.
فبالتزامن مع الحملة الشرسة التي شنها الإعلام الفرنسي وعدد من السياسيين الفرنسيين بدعوى أن المغرب رفض المساعدات التي قدمتها باريس للمساعدة في إغاثة ضحايا الزلزال، طل ايمانويل ماكرون من صفحاته الرسمية بمواقع التواصل الاجتماعي، مخاطبا الشعب المغربي في خطوة كان يرغب من ورائها إنهاء الجدل، إلا أنه زاد من فتيل الصراع، بعد أن قام بتوجيه رسالة مصورة لأبناء الشعب المغربي في تجاوز للحكمة والأعراف الدبلوماسية.
وما زاد من حدة الاحتقان بين باريس والرباط، ما خرجت وزيرة الخارجية الفرنسية كاثرين كولونا بتصريحات متلفزة عن زيارة مبرمجة لإيمانويل ماكرون نحو المغرب بدعوة من الملك محمد السادس، وهو الشيء الذي نفاه مصدر حكومي بالمملكة.
وفي هذا الصدد، قال المحامي والخبير في القانون الدولي صبري الحو، أنه “من حيث المبدأ، فان الزيارات الرسمية تخضع لقواعد بروتوكولية صارمة في المطالبة بها والتماسها، ومواضيع المناقشة والمداولة والوفود المرافقة وتاريخ اجرائها ويحكمها بروتوكول القانون الديبلوماسي”.
وأضاف صبري في تصريح لموقع الأنباء تيفي، أنه “يمكن إجراء الزيارات ضدا على كل هذه الأعراف اذا دعت ظروف استعجالية واستثنائية لذلك. مع بقاء التنسيق المسبق ليحكم كل الحالتين”.
وأكد، أن “كل تصرف خارج هذه الأعراف يجعل الزيارة غير رسمية بل شخصية وقد لا يحظى القائم أو المبادر إليها بالاستقبال الرسمي، وينتظر مثله مثل البقية في الانتظار هل توجد فرصة سانحة أو لا لهذا الاستقبال”.
وبخصوص تصريح وزيرة خارجية فرنسا، حول الزيارة المبرمجة لماكرون إلى المغرب، يرى الحو، أن “الرئاسة الفرنسية تريد اختبار مدى جدية الموقف المغربي الرافض للعرض الفرنسي بالمساعدة في الانقاذ بعد الزلزال”، مشيرا إلى أن الرئاسة “عبرت عن طلب للقيام بهذه الزيارة والرد المغربي منسجم ويحكمه عدم وجود برمجة مسبقة لهذه الزيارة وتنصله من أية مبادرة فرنسية من جانب واحد خارج هذه الأعراف، حيث ستكون السلطات المغربية في حل من أي التزام بالاستقبال الذي يفيد في النهاية وبطريقة دبلوماسية لبقة عدم استعدادها وعدم رغبتها في هذه الزيارة”.
وفي هذا الباب، اعتبر الحو، أن هذا “الشيء يعقد الموقف الرئاسي الفرنسي لأن الرفض المغربي معناه، أن المغرب انضم الى الصحوة الافريقية التي قطعت مع التبعية لفرنسا واتخذت موقفا سياديا لا يخضع للوصاية ولا الابتزاز”. مشيرا إلى أن “المغرب قطع مع الحقبة والتبعية الاستعمارية”.
كما أضاف الخبير، أن فرنسا التي تتعامل مع المغرب والدول الأفريقية الفرنكفونية بمنطق استعلائي عنصري استعماري ولم تستطع التخلص من هذا الفكر جعلها تفقد حلفاءها وأصدقاءها بسرعة وسهولة.
وأمام هذا الوضع، يؤكد المتحدث في ذات التصريح أن ازمات فرنسا مرشحة للاستمرار ان استمرت في التعامل بهذا المبدأ الاستعماري.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...