رغم أن عجلة الحياة عادت لتدور من جديد في المناطق التي هزها زلزال الحوز، يوم الجمعة 8 شتنبر الجاري، إلا أن صداه لا زال يهز يوما بعد يوم دولة فرنسا التي جندت إعلامها لمهاجمة المغرب في استغلال تام للقرارات التي اتخذتها السلطات المغربية لمواجهة الأزمة التي خلفها الزلزال المدمر.
وحسب متتبعين للشأن السياسي، فإن الزلزال وعوض أن يخلق الأزمة في المغرب، تسبب في أزمة داخل فرنسا التي حاولت أن تعبر عنها بعدة مظاهر انقلب فيها السحر على الساحرة باريس أمام برودة الردود المغربية اتجاهها.
وفي هذا الصدد، قال الأستاذ خالد الشيات على أن الأزمة القائمة بين المغرب وفرنسا قائمة، وباتت تتجلى في عدة مظاهر، رغم أن هناك إمكانيات وآليات لتجاوزها.
ومن بين مظاهر هاته الأزمة، يقول خالد الشيات، أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية في جامعة محمد الأول بوجدة في تصريح لموقع الأنباء تيفي؛ هو إصرار فرنسا على تقديم المساعدة للمغرب لتجاوز آثار الزلزال، رغم أن موقف السلطات المغربية كان واضحا بخصوص هذا الشأن. حيث تبين، حسب المتحدث، أن المغرب لا يولي أية أولوية لمبادرة فرنسا، وهو أمر ينم عن وجود أزمة بين البلدين، خاصة أمام استمرار عدم وجود سفير مغربي بفرنسا.
والملاحظ، حسب المتحدث، أن هناك حرص فرنسي على أن تعود العلاقات المغربية الفرنسية إلى سالف عهدها وطبيعتها، وهو ما اعتبره الشيات أمر إيجابي؛ إلا أن المغرب لا يريد أن تعود هذه العلاقات إلى سالف عهدها بدون إيجاد إطار مناسب لتمثين هذه العلاقات ولجعلها ثابتة وفي مستوى العلاقات التاريخية التي جمعت بين البلدين.
وفي هذا السياق، يرى الشيات أنه من الأفضل أن تكون العلاقات بين المغرب وفرنسا جيدة يسودها التعاون والتفاهم، لأن المغرب يبقى حليفا استراتيجيا مضمونا وتقليديا لفرنسا.
ومن جهة أخرى، يرى أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية، أن هناك استثنائية في التاريخ الفرنسي، وذلك بالنظر لوجود الرئيس ماكرون على سدة الرئاسة، والذي أدى إلى تحول عميق في فرنسا، خاصة في سياستها على مستوى شمال افريقيا، وفي افريقيا عموما، مؤكدا أن ذلك يتضح بشكل جلي مع النزعة المصلحية الآنية وغير الاستراتيجية في المنطقة، حيث تعتبر فرنسا الدول التي يمكن أن تعطي مزايا آنية ومباشرة لها، دولا جيدة؛ أما غيرها ممن ليس لها ما تقدمه خاصة على مستوى الطاقة، تضعها فرنسا في خانة الانتظار.
وهذا الأمر حسب الشيات “غير طبيعي للعلاقات المغربية الفرنسية، لأن الطبيعي هو أن تكون هذه العلاقات ذات طابع استراتيجي مستمر ومسترسل، ليس لاعتبارات طاقية ولا لاعتبارات مصلحية ولا اقتصادية، لاعتبار المغرب شريك دائم ومستقر ومضمون ووفي لعلاقاته الاستراتيجية، مع مجموعة من الدول، حتى قبل أيام الحرب الباردة”.
ما يحصل اليوم بين فرنسا والمغرب، يعبر عن الأزمة الحاصلة بين البلدين، وليس أزمة بحد ذاته، حيث يعتبر الشيات “أن تعبير وزيرة الخارجية الفرنسية عن وجود إمكانية سفر الرئيس الفرنسي إلى المغرب، هو أمر كان دائما قائما لكن دون تحديد تاريخه، إلا أن تفاعل المغرب بشكل فوري، ومباشر مع هذه التصريحات، باعتبار أنه ليس بالأجندة القريبة برمجة لزيارة الرئيس الفرنسي، ينم على أن هناك خلل على مستوى العلاقات بين البلدين، وأن آليات إصلاحه تمر بالضرورة بتجاوز المسببات، وأهمها عدم التوزان على مستوى شمال افريقيا بين المغرب والجزائر بالخصوص”.
ولدرء هذه القراءة التشاؤمية، يشدد المتحدث على أن فرنسا باتت اليوم ملزمة باتخاذ موقف متقدم جدا من قضية الصحراء المغربية، لاسيما فيما يتعلق الاعتراف بمغربية الصحراء، وأن تؤكد على أن موقفها من الحكم الذاتي موقف إيجابي، وذلك بالنظر لكون المغرب، بات اليوم يحتاج إلى موقف أكثر تقدما، على غرار الموقف الأمريكي والإسرائيلي.. ، ذلك للحفاظ أولا على الاستراتيجية الفرنسية في شمال افريقيا وفي افريقيا بشكل عام، عن طريق المغرب، وكذا من أجل الحفاظ على نسق العلاقات التاريخية الجيدة بين فرنسا والمغرب ما بعد فترة الاستعمار.
وقد اختتم الشيات تصريحه، باعتبار أن مقومات هذا السلوك الناجم عن فرنسا، هي إشارة وبادرة وضوء صغير ولو أنه في آخر النفق، عن وجود إمكانية لإيجاد حلول بين المغرب وفرنسا.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...