جامع الفنا، التي كانت عالما منفردا بعاصمة النخيل، وامتدادا للتاريخ العريق ومعلمة تحاكي مختلف العصور والمستقبل، وفضاء يجمع أسرار الحمراء، إلا أنها باتت مؤخرا فضاء يجمع الكثير من المتناقضات والعديد من الخروقات التي من شأنها أن تغير معالم ساحة ومدينة تاريخية.
فلم يكذب خوان غويتوسولو، الكاتب الاسباني الراحل الذي كان مقيما في مراكش وأحد المغرمين بالساحة، على أن مدينة مراكش بغير ساحة جامع الفنا لا أهمية لها، وأن الساحة ليست فحسب موئلا للذاكرة الشعبية وفضاء للتراث الشفهي، بل إنها أيضا أفق المستقبل، مستقبل مراكش الذي يتطلع إليه سكان المدينة بكل الآمال والأماني، لكن لم يكن يدري أن هذا الفضاء سيتحول مع مرور الزمن إلى كعكة دسمة ستسيل لعاب العديد من أعوان السلطة، إلى درجة اعتبار تعيينهم بمجالها حلم سيمكنهم من الحصول على مصباح علاء الدين.
وحسب المعطيات التي توصل بها موقع الأنباء تيفي، فإن حلم التعيين بساحة جامع الفنا راجع إلى الخيرات التي يفيض بها الفضاء المليء بالعديد من المتناقضات بالرغم من الصورة البهية التي يظهر بها للعالم.
فما بين هذه المتناقضات، تنتج خروقات قالت مصادرنا على أن بعضا من أعوان السلطة يستغلونها في مصالحهم الشخصية عبر غض طرفهم عنها مقابل “حلاوة” تصل إلى الكثير من الملايين في الشهر، وبالتالي تمكينهم من ثروة مهمة جعلت الكثير ممن يشتغلون في المجال يتمنون أن يحالفهم الحظ وأن تشملهم حملة الانتقالات التي تنظمها وزارة الداخلية بين الفينة و الأخرى سواء بين أعوان أو رجال السلطة.
وفي هذا الصدد، أوضحت مصادرنا، أن جامع الفنا تحولت في نظر البعض من أعوان السلطة إلى مصباح علاء الدين، مع كل مساء يجود عليهم بالكثير من الأموال، انطلاقا من التجول بين الباعة الجائلين المنتشرين بوسط الساحة وعلى جنباتها، ثم إلى المحلات التجارية والحنطات، بل حتى النقاشات لا يخلون من هذه العملية.
فمقابل غض الطرف عن احتلال الملك العام وعدم الالتزام بتوقيت العمل والكثير من الضوابط القانونية، على من يعمل أو يمارس أي نشاط بجامع الفنا أن يقدم ضريبة عن ذلك، وهي عبارة عن “حلاوة” تختلف قيمتها من شخص إلى آخر حسب نوعية النشاط التجاري الذي يمارسه في هذا العالم المليء بالسحر والمفاجآت.
وبالرغم من نكران العديد من المقربين لأعوان سلطة وجهت لهم مؤخرا أصابع الاتهام بتجميع ثروة مهمة من خلال ما يجمعونه من خيرات كل مساء بساحة جامع الفنا، إلا أن لا أحد ينكر أن هاته الظاهرة منتشرة بشكل كبير في هذه المعلمة التاريخية، وليس بها فقط، بل بعدد كبير من الشوارع الكبرى بعاصمة النخيل، خاصة على مستوى شارعي القواس والأحباس بمقاطعة المنارة.
وأمام هذا الوضع الذي يعرفه الكثير من المراكشيون جيدا، طالبت عدد من الفعاليات بضرورة تدخل فريد شوراق الوالي الجديد على جهة مراكش أسفي، من أجل وضع حد للتسيب الذي تعيش على وقعه ساحة جامع الفنا، والذي هو عبارة عن حالة استثناء قد تتحول فيما بعد إلى قاعدة عامة سيصعب التخلص منها، وسيتحول معها كل شبر من الساحة إلى ملك محتل يصعب إفراغه، وهو ما يهدد مستقبل فضاء تاريخي يميز عاصمة النخيل بل والمغرب بشكل عام.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...