أكد محمد امعيدي، الرئيس السابق للمجلس الجهوي للعدول باستئنافية مراكش، على أن آلية الإيداع، عملية ضرورية لضمان أموال المرتفقين أثناء المعاملات التعاقدية التي تتم بمكاتب العدول، عكس ما أدلى به وزير العدل بالبرلمان بخصوص هذا الشأن.
وفي هذا الصدد، اعتبر امعيدي أن التصريحات التي أدلى بها وزير العدل عبد اللطيف وهبي داخل قبة البرلمان، زادت من الغضب والاحتقان السائدين في أوساط كل العدول بمختلف جهات المملكة.
وأوضح امعيدي في تصريح لموقع الأنباء تيفي، على أن ما قاله وهبي بمجلس المستشارين، يتضمن مغالطات لا يمكن تمريرها مرور الكرام، حيث يتعلق الأمر بمعطى رفض الحق في الإيداع، وطلب العدول تمكينهم من تلقي أموال المرتفقين.
واعتبر امعيدي، أن هاته النقطة هي التي أفاضت الكأس، مؤكدا على أن هيئة العدول طلبت التمكين من الإيداع كآلية للحفاظ على أموال المتعاقدين، على اعتبار أن الايداع آلية وليست اختصاصا لمهنة دون أخرى، مشددا على أن المصلحة الوطنية ومصلحة المرتفقين تستوجب أن تتم من خلال إيداع أموال المرتفقين بصندوق الإيداع للحفاظ عليها، بأي آلية من الآليات التي يراها المشرع مناسبة، سواء عبر صندوق المحكمة، أو من خلال صندوق الإيداع والتدبير، أو أي آلية أخرى، ستبقى معها الحقوق المالية للمرتفقين محفوظة إلى حين انتهاء المعاملة التعاقدية.
وأشار امعيدي، عضو لجنة الحوار الذي كان قائما بين وزارة العدل وهيئة العدول قبل تسريب نسخة من مسودة مشروع القانون الأساسي الخاص بمهنة العدول؛ إلى أن الجميع كان ينتظر خروج القانون من الأمانة العامة للحكومة ليأخذ مساره التشريعي، في الوقت الذي كانت الهيئة الوطنية للعدول تراهن على تدخل وزير العدل لرد الأمور إلى نصابها، إلا أن تصريح الأخير صدم الهيئة، مشددا على أن ما صدمها أكثر هو ما جاء في النسخة المسربة.
وفي هذا الباب، قال محمد امعيدي، على أن الحوار الذي أجرته هيئة العدول مع وزارة العدل، تم خلال ثماني اجتماعات توجت بإنجاز ستة محاضر، مؤكدا على أن الأخيرة كان من المفترض أن تكون أساس مشروع القانون الخاص بمهنة العدول.
مشيرا، إلى أن كل عدول المملكة انصدموا من النسخة المسربة، ومؤكدا على أنها لا تمت بصلة لما تم الاتفاق عليه في المحاضر الستة، حيث قال: “هذه النسخة نسفت كل ما تم الاتفاق عليه خلال ثماني اجتماعات، تم خلالها هدر الكثير من الزمن والمال”.
وأضاف، أن النسخة المسربة تضمنت عددا من المقتضيات التي لم يتم الاتفاق عليها في المحاضر الستة، خاصة فيما يتعلق بعملية الإيداع والولوج إلى المهنة..، مشيرا إلى أن هناك ست مقتضيات بمسودة الوزارة كانت محط نقاش مستفيض خلال الاجتماعات، وقد تم تضمين خلاصاتها في المحاضر الموقعة بين الوزارة والهيئة، إلا أن عكسها هو الذي تم تضمينه في مسودة مشروع القانون.
وعلى هذا الأساس، تساءل الرئيس السابق للمجلس الجهوي لهيئة العدول بجهة مراكش أسفي، عن جدوى الحوار القطاعي وكل الزمن المهدور خلاله، إن كانت الوزارة ستمرر مشروع القانون الخاص بها دون إشراك الجهات المعنية.
مضيفا، أن “حتى مبررات وزير العدل بكون باقي القطاعات الحكومية الأخرى لم توافق على ما تم الاتفاق عليه ما بين الوزارة وممثلي هيئة العدول؛ ليست سوى مبررات واهية، خاصة أنه لم يكشف عن هاته القطاعات الحكومية، بل وحتى أن تصريحات وهبي حول هذا الخصوص أطلقها في اليوم الذي تم فيه إيداع المسودة لدى الأمانة العامة للحكومة، وبالتالي فتلك القطاعات لم يكن لديها الوقت الكافي لتبدي الملاحظات التي قالها وهبي.
وما زاد من استغراب المعني بالأمر، هو كون وزير العدل قام بإيداع مسودة مشروع القانون الخاص بمهنة العدول، قبل عرضه على أنظار الهيئة واطلاعها على مضامينه، وهو ما جعل العدول يشككون في نوايا وزير العدل بهذا الخصوص.
وتابع، أن هذا الحوار مع الوزارة حول تعديل القانون استمر لمدة طويلة قاربت عقدا ونصف من الزمن، وفي كل مرة تعتقد الهيئة الوطنية أن مشروع القانون أصبح جاهزا، تتفاجئ حسب المصدر ذاته، بأن الحوار سيبدأ من جديد، مما ساهم في ظهور عدد من مسودات المشروع طيلة هذه المدة.
وأردف المتحدث، على أن وزارة العدل تواجه الهيئة الوطنية للعدول بمعيقات ساهمت في خلق قناعة لدى كل العدول بأن الوزارة الوصية متمسكة بنمطية المهنة وترفض التجاوب مع مطالب تحديث المجال وتطويره بشكل يتناسب مع ما يعرفه المجتمع المغربي من تطورات، خاصة فيما يتعلق بالجانب الاقتصادي وجلب الاستثمار.
وفي ذات السياق، يشدد المتحدث، على أن ما تسعى الوزارة إلى تكريسه، سيتسبب في أزمة كبيرة بين العدول والمرتفقين، خاصة في مجال العقار والاستثمار، مشيرا إلى أنه لا يمكن أن يشعر المرتفق بأن أمواله في أمان مادام العدول يفتقرون إلى آلية تضمن الودائع المالية، في حين أن في المجال الآخر الذي يشتغل في قطاع التوثيق أيضا متمكن من هذه الآلية، وهو ما سيجعل المرتفق يلجأ إلى الصيغة الثانية مقابل النفور من العدول.
وأمام هذا الوضع، يرى امعيدي، أن مشروع القانون الجديد، وعوض أن يعزز ويمتن مهنة العدول، سيعمل على تخريبها وتشريد العاملين بها، والذين يتجاوز عددهم 10 آلاف أسرة، مشيرا إلى أنه في المغرب يتواجد حاليا 4000 عدول، وكل مكتب عدل يشغل على الأقل مستخدمين، وهو ما سينعكس سلبا على الوضع الاجتماعي للآلاف من الأسر.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...