أمريكا-بايدن/هاريس: تريد الآن وقف الحرب لتبعاتها الخطيرة على التوجهات الأمريكية الاستراتيجية، فالتوجهات الأمريكية الاستراتيجية مؤطرة باحتواء تنامي النفوذ الصيني في منطقة المحيطين الهندي والهادي، لكن الطوفان كان له تأثير كبير على ذلك التوجه الاستراتيجي، ولكي ندرك تأثير الطوفان على أمريكا نستحضر نقل جزء كبير من الأصول العسكرية الأمريكية لمنطقة الشرق الأوسط لردع ايران والمحور، وهي عملية جد مكلفة ماليا بالإضافة إلى انها نقيض الاستراتيجية الأمريكية في التركيز على منطقة المحيطين الهندي والهادي.
ونشير هنا إلى ان عدد زيارات وزير الخارجية الأمريكي لمنطقة الشرق الأوسط منذ 7 أكتوبر بلغت عشر زيارات، وهو أمر غير مسبوق، كما نشير إلى ان زيارة وزير الخارجية الأمريكي ليست بالأمر الاعتباطي، بل لا تتم الزيارة إلا لأمور استراتيجية حيوية، إنه أمر يظهر مدى ما احدثه الطوفان من “زلزال استراتيجي” لأمريكا.
امريكا تريد الآن وقف الحرب، لكنها تأخرت، بحيث فقدت جزءا من أوراق الضغط على نتنياااهو، والسبب هو قرب الانتخابات الرئاسية، لقد كان بإمكان امريكا وقف الحرب قبل أشهر لكنها لم تقم، والسبب هو صمود المقااااومة، بحيث كان الاعتقاد هو أن الأمر لن يحتاج أكثر من أسابيع لهزيمة المقاااااومة، وهنا نتذكر كيف خاطب وزير الخارجية الأمريكي نتانياهو مباشرة بعد الطوفان عندما طلب منه نتنياهو دعما أمريكيا طويلا للحرب، فأجابه بلينكن “بل أسابيع فقط”، وهي إشارة وضوء اخضر أمريكيين للدولة المجرمة لتحقيق نصر حاسم خلال أسابيع فقط بعد 7 أكتوبر، لكن صمود المقااااومة بشكل لم يكن متوقعا وضع الإدارة الأمريكية في مأزق استراتيجي، لتبدأ سلسلة المفاوضات التي لم تنتهي، والسبب ان أمريكا تريد تحقيق نصر للدولة المجرمة بالسياسة بعد أن عجزت عسكريا.
واليوم فأمريكا -بايدن-هاريس في معضلة حول كيفية التعامل مع تطورات القضية، خوفا من توظيف ترامب لأي خطأ لصالحه. لذلك فأمريكا -بايدن-هاريس تعول على الداخل الصهههههيوني المعارض لنتنياهو لدفعه لإيقاف الحرب.
موقف نتانياهو:
يعي حقيقة ورطة الادارة الأمريكية الحالية لذلك يحاول توظيفها قدر الإمكان لاستمرار حرب الإبادة، فهدفه هدنة يعيد من خلالها بعض الأسرى ثم يعاود الحرب في فترة تكون فيها الانتخابات الامريكية في أوجها، مما يمنحه هامشا كبيرا في الحركة، فهو يعلم ان نجاح هاريس سيجعلها تدفع نحو وقف الحرب خدمة لمصالح أمريكا بعد ان تكون قد تجاوزت ورطة الانتخابات، وهدفه هو المساعدة في نجاح ترمب، والذي سيدفع هو الآخر نحو وقف الحرب لكن مع منح دولة الاحتلال حرية كبيرة في الحركة وفي تطبيق سياسات القضاء على فكرة حل الدولتين.
المقاومة:
تعي المقااااومة من جانبها حساسية اللحظة المرتبطة بالانتخابات الأمريكية، وتعي أهداف نتنياهو والإدارة الأمريكية، لذلك فهي تعمل على تحقيق هدف وقف الحرب وانسحاب قوات الاحتلال من قطاغ غزة خلال المرحلة الأولى من الهدنة، والحصول على ضمانات بوقف الحرب، وهي تنطلق من النصر الاستراتيجي الذي تحقق مع الطوفان ومع اشتعال عدة جبهات وانفجار الوضع في الضفة، يضاف لذلك أنها حققت هدف توريط دولة الاحتلال في حرب استنزاف، وهو خيار يناقض استراتيجية دولة الاحتلال.
ايران والمحور:
الرد الإيراني مرتبط هو الآخر بالانتخابات الرئاسية الأمريكية، فإيران لا تريد عودة ترامب رئيسا لأمريكا، وهي تدرك أن الانتخابات الامريكية دخلت مراحلها الأخيرة والحاسمة، كما تدرك أن أي تصعيد من جانبها في هذه الفترة إما أن يدفع لرد أمريكي قوي أو لتوظيف ترامب التصعيد الإيراني لتحقيق تقدم كبير في الانتخابات عبر اتهام بايدن-هاريس بالضعف وعدم حماية حليفة أمريكا وخادمتها في الشرق الأوسط.
لذلك فكل طرف ينبي جزءا رئيسا من سياساته بناء على لحظة الانتخابات الامريكية، فأي خطأ في التقدير قد تكون له تكاليف استراتيجية كبيرة جدا.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...