صادق مجلس الحكومة المنعقد اليوم الخميس على مشروع مرسوم يتعلق بتحديد كيفيات تطبيق العقوبات البديلة، وذلك في إطار تنزيل مضامين القانون رقم 43.22 المتعلق بالعقوبات البديلة، المقرر دخوله حيز التنفيذ خلال شهر غشت المقبل.
ويأتي اعتماد هذا المرسوم، حسب ما أكده رئيس الحكومة عزيز أخنوش خلال افتتاح أشغال المجلس الحكومي، في سياق استكمال ورش إصلاح منظومة العدالة، الذي يحظى بعناية واهتمام خاص من طرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس، والذي يهدف إلى تحديث السياسة الجنائية وتطوير آلياتها بما يراعي الأبعاد الاجتماعية والإنسانية للعقوبة، خاصة في الجرائم غير الخطيرة.
وشدد رئيس الحكومة على أن هذا الورش الإصلاحي يشكل تحولا نوعيا في فلسفة العقوبة، حيث لم تعد الغاية محصورة في الردع، بل تتجاوزها إلى التأهيل والإدماج، بما يساهم في الحد من الاكتظاظ داخل المؤسسات السجنية، وتمكين المحكوم عليهم من آليات بديلة تراعي ظروفهم وتدفع نحو إعادة إدماجهم في المجتمع.
وقدم أخنوش شكره لوزير العدل، عبد اللطيف وهبي، على إشرافه وتنسيقه لمختلف الأطراف المعنية بهذا الورش، وعلى رأسها المجلس الأعلى للسلطة القضائية، ورئاسة النيابة العامة، والمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، منوها بالمجهودات التي بذلتها هذه المؤسسات من أجل إخراج هذا المشروع إلى حيز التنفيذ.
من جانبه، وصف مصطفى بايتاس، الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان والناطق الرسمي باسم الحكومة، هذا النص التشريعي بـ”الخطوة الجبارة والشجاعة”، مؤكداً في ندوة صحفية أعقبت المجلس أن اعتماد العقوبات البديلة يجسد إرادة حقيقية لترسيخ ثقافة حقوق الإنسان وتحديث العدالة الجنائية في المغرب، انسجاماً مع التوجيهات الملكية السامية.
وأوضح بايتاس أن العقوبات البديلة التي نص عليها القانون تنقسم إلى أربع فئات رئيسية: العمل من أجل المنفعة العامة، المراقبة الإلكترونية، القيود والتدابير العلاجية أو التأهيلية، والغرامة اليومية كبديل عن الحبس. وهي آليات تتيح تكييف العقوبة بحسب طبيعة الجريمة وظروف المحكوم عليه، مع الحفاظ على النظام العام وحقوق الضحايا.
ويروم مشروع المرسوم، وفق ما قدمه وزير العدل عبد اللطيف وهبي، إلى تنزيل مقتضيات المادتين 1-647 و13-647 من القانون المتعلق بالمسطرة الجنائية، مع تنظيم اختصاصات الإدارة المكلفة بالسجون في تتبع تنفيذ العقوبات البديلة على المستويين المركزي والمحلي، وتحديد آليات تدبير القيد الإلكتروني، وضمان التنسيق بين مختلف المتدخلين لإنجاح تطبيق هذه العقوبات.
يشار إلى أن المجلس الحكومي قرر تأجيل مناقشة مشروع المرسوم رقم 2.23.152 المتعلق بتطبيق المادة 13 من القانون الإطار 97.13 بشأن حماية حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، إلى اجتماع لاحق.
ويعكس هذا المسار التشريعي الجديد في مجال العدالة الجنائية رغبة واضحة في تجاوز النموذج التقليدي للعقوبة السجنية، واعتماد مقاربات أكثر نجاعة وإنسانية، من شأنها تحسين العدالة، وتكريس الأمن، وتعزيز التماسك المجتمعي.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...