رصد تقرير اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي الجديد أربـع معيقـات تحـد مـن مردودية النمـوذج التنمـوي الحالي.
أول هذه المعيقات حددها التقرير، الذي قدمه شكيب بن موسى، يوم أمس الثلاثاء أمام الملك بالقصر الملكي بفاس، في غيـاب الانسـجام بيـن الرؤيـة التنمويـة والسياسـيات العموميـة المعلـن عنهـا وكـذا ضعـف الالتقائيـة بيـن هـذه السياسـات. ويتجسـد هـذا الإشـكال فـي غيـاب رؤيـة إستراتيجية شـاملة تنـدرج فـي الأفـق الزمنـي البعيـد، بالإضافـة إلـى إصلاحـات يتـم وضعهـا بطريقـة منعزلـة وبـدون مرجعيـة واضحـة ممـا ال يسـاعد علـى ترتيـب الأولويـات والأخـذ بعيـن الاعتبـار المـوارد المتوفـرة والقـدرات الحقيقيـة للفاعليـن.
أما المعيق الثاني، فربطه التقرير ببـطء التحـول الهيكلـي للاقتصـاد جـراء التكلفـة المرتفعـة لعوامـل الإنتـاج التـي تعيـق تنافسـية المقـاولات وضعـف الانفتـاح علـى فاعليـن جـدد أكثـر إبداعـا وتنافسـية. ويرتبـط هـذا العائـق بقلـة نجاعـة منظومـة الضبـط وعـدم الاسـتفادة بشـكل أمثـل مـن آليـات التحفيــز الاقتصــادي التــي تضعــف روح المجازفــة وتغــذي منطــق الريــع داخــل القطاعــات التقليديــة وتحمــي المصالـح الضيقـة بـدل المصلحـة العامـة
وحسب التقرير ذاته، فإن المعيق الثالث يتعلق بمحدوديـة قـدرات القطـاع العـام فـي صياغـة وبلـورة خدمـات عموميـة، سـهلة الولـوج وذات جـودة تهم المجـالات الأساسـية للحيـاة اليومية للمواطنيـن ورفاهيتهـم، فالقطاع العـام يشـتغل بصفـة علويـة وممركـزة وبمنطـق لا يعتمـد بشـكل كاف علـى المردوديـة والنتائـج ولا يسـمح بتطويـر رؤيـة اسـتراتيجية للاضطـلاع بـدوره فـي إطـاق ومواكبـة العديـد مـن أوراش التحـول.
أما المعيق الرابع، وفق ما جاء في التقرير، فيتمثل في ” الشــعور بضعـف الحمايـة القضائيـة وعـدم القـدرة علـى التوقـع الـذي يحـد مـن المبـادرات بسـبب الهـوة مـا بيـن بعـض القوانيـن والواقـع الاجتماعـي وقضـاء يعانـي مـن ضعـف الثقـة إضافـة إلـى ثقـل البيروقراطيـة وتعثـرســبل الانتصــاف، معتبرا هــذه المعيقــات أيضــا، نتاجــا لتمثـلات تعتبــر الرقابــة الممنهجــة والمركزيــة بمثابــة أنمـاط مثلـى لتدبيـر التنميـة وتـرى أن بعـض الفئـات(المواطنـون، الشـباب، القطـاع الخـاص، المجتمـع المدني لا ترقـى إلـى مسـتوى شـريك موثـوق بـه كمـا تـرى أن التقاليـد لا تتـلاءم مـع التقـدم والحداثـة.
طموح في أفق 2035
ولا حظت اللجنة أن مؤهـلات المغــرب التــي يخولهـا له موقعــه الجيوســتراتيجي، تاريخــه العريق ورأســماله اللامــادي الفريــد مـن نوعـه وكـذا طاقـات نسـائه ورجالـه، تؤهلـه للارتقاء إلـى مصـاف الـدول الرائـدة، خدمـة لرفـاه مواطنيـه وإســهاما منــه فــي بناء عاـم أفضــل، عالــم يســوده الســلم، منفتح على الحوار والتعـاون، عالم يحتــرم كرامــة الإنســان، عالم حريص على حماية تنوع الأنظمــة الإيكولوجية والتوازنات البيئية، ذلك ما خلص إليه تقرير اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي الجديد .
وانطلاقا مــن هاته المؤهـلات، يتبنــى النمـوذج التنموي الجديد كطمـوح مشــترك “الانتقــال إلى مغـرب مزدهــر، مغـرب الكفــاءات، مغــرب الإدماج والتضامن، مغـرب الاسـتدامة والجـرأة، ويسـتوجب هذا الطمـوح فـي جوهـره تعبئـة كل إمكانـات البـلاد عبـر وضـع العنصـر البشـري فـي صلـب أولويات السياسـات العموميــة، ســواء باعتبــاره فاعـلا أو مســتفيدا مـن مسـيرة التنميـة، ويتوافــق هــذا الطمــوح مــع الانتظـارات المسـتعجلة المعبــر عنهــ مــن طــرف مواطنيــن تواقيــن إلــى المشــاركة والتمكيــن والاعتــراف”.
وتقتــرح اللجنـة أن تتــم ترجمـة هــذا الطمــوح إلــى أهــداف تنمويــة محــددة وفــي المتنــاول قصــد الارتقــاء بالمملكـة لتتبـوأ مكانتهـا ضمـن الثلـث الأول مـن ترتيـب الـدول فـي عـدة مجـالات فـي أفـق 2035 .وهـو مـا مــن شــأنه أن يكــرس خاصيــة المغــرب كنمــوذج يحتـذى بــه داخــل محيطــه الإقليمـي وحتــى الدولــي.
وترى اللجنة أنه من بيـن هـذه الأهداف، مضاعفـة الناتـج الداخلـي الخـام حسـب الفـرد فـي أفق 2035 وضمـان امتلاك 90 بالمائة مـن التلاميـذ للتعلمـات الأساسـية، بالإضافـة إلى الرفـع مـن معـدل التأطيـر الطبـي للملاءمـة مـع معاييـر منظمـة الصحـة العالميـة وتقليـص نسـبة الشـغل فـي القطـاع غيـر المهيـكل إلـى 20 بالمائة، ورفـع نسـبة مشـاركة المـرأة فـي سـوق العمـل إلـى 45 بالمائة، مقابـل 22 بالمائة حاليـا والوصـول إلى نسـبة رضـا المواطنيـن عـن الإدارة والخدمـات العموميـة تزيـد عـن 80 بالمائة.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
الاسم
البريد الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
التعليق *
للمزيد من التفاصيل...
body.postid-1152232